للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الأَرْض بِي. فَلَمَّا كَانَ بعد قَتله بدهر قَالَ لي: يَا يزِيد، أَتَذكر يَوْم شاورتك فِي أَمر العَبْد؟ قلت: نعم يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، وَمَا رَأَيْتنِي قطّ ادنى إِلَى الْمَوْت مني يَوْمئِذٍ قَالَ: فوَاللَّه لَكَانَ ذَلِك رَأْيِي وَمَا لَا أَشك فِيهِ، وَلَكِنِّي خشيت أَن يظْهر ذَلِك مِنْك، فتفسد عَليّ مكيدتي. قَالَ الرّبيع: سَمِعت الْمَنْصُور يَقُول: الْخُلَفَاء أَرْبَعَة، والملوك أَرْبَعَة، فالخلفاء: أَبُو بكر وَعمر وَعُثْمَان وَعلي على مَا نَالَ من عُثْمَان، وَمَا نيل مِنْهُ أعظم، ولنعم الرجل كَانَ عمر بن عبد الْعَزِيز. والملوك: مُعَاوِيَة، وَعبد الْملك، وَهِشَام، وَأَنا، ولنعم رجل الْحَرْب كَانَ حمَار الجزيرة من رجل لم يكن عَلَيْهِ طَابع الْخلَافَة. وَقَالَ: من صنع مثل مَا صنع إِلَيْهِ فقد كافأ، وَمن أَضْعَف كَانَ شكُورًا، وَمن شكر كَانَ كَرِيمًا، وَمن علم أَنما صنع لنَفسِهِ لم يستبطئ النَّاس فِي شكرهم، وَلم يستزدهم فِي مَوَدَّتهمْ، فَلَا تلتمس من غَيْرك شكر مَا أسديته إِلَى نَفسك. اسْتَأْذن سوار قَاضِي الْبَصْرَة على الْمَنْصُور، فَأذن لَهُ، فَدخل وَسلم، فَقَالَ الْمَنْصُور: وَعَلَيْك السَّلَام. أدن أَبَا عبد الله، فَقَالَ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، أأدنوا على مَا مضى عَلَيْهِ النَّاس أم على مَا أَحْدَثُوا؟ فَقَالَ: بل على مَا مضى عَلَيْهِ النَّاس، فَدَنَا فصافحه ثمَّ جلس، فَقَالَ الْمَنْصُور: يَا أَبَا عبد الله، قد عزمت على أَن أَدْعُو أهل الْبَصْرَة بسجلاتهم، وأشريتهم، فَقَالَ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، نشدتك الله أَلا تعرض لأهل الْبَصْرَة. فَقَالَ: يَا سوار، أبأهلالبصرة تهددني؟ وَالله لهممت أَن أوجه إِلَيْهِم من يَأْخُذ بأفواه سككهم وطرقهم، وَيَضَع السَّيْف فيهم فَلَا يرفعهُ عَنْهُم حَتَّى يفنيهم، فَقَالَ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، ذهبت إِلَى غير مَا ذهبت إِلَيْهِ، إِنَّمَا كرهت لَك أَن تتعرض لدعاء الأرملة واليتيم، وَالشَّيْخ الْكَبِير الفاني، وَالْحَدَث الضَّعِيف. فَقَالَ: يَا أَبَا عبد الله، أَنا للأرملة بعل، ولليتيم أَب، وللشيخ أَخ، وللحدث الضَّعِيف عَم، وَإِنَّمَا أُرِيد أَن أنظر فِي سجلاتهم وأشريتهم لأستخرج مَا فِي أَيدي الْأَغْنِيَاء، مِمَّا أَخَذُوهُ بقوتهم

<<  <  ج: ص:  >  >>