للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَقَالَ: أهل السُّوق سفل، والصناع أنذال، والتجار بخلاء، وَالْكتاب مُلُوك على النَّاس. وَقيل لَهُ: لَيْسَ فِي السَّرف شرف، فَقَالَ: لَيْسَ فِي الشّرف سرف، وَقَالَ يَوْمًا لبَعْضهِم: مَتى قدمت، قَالَ: بعد غدٍ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ. فَقَالَ: بيني وَبَيْنك بعد مرحلتان. وَرَأى الْمَأْمُون يحيى بن أَكْثَم يحد النّظر إِلَى الواثق - وَهُوَ أَمْرَد - فَقَالَ: يَا أَبَا مُحَمَّد، حوالينا ولاعلينا. تنَازع أَحْمد بن أبي خَالِد وَإِبْرَاهِيم السندي بِحَضْرَة الْمَأْمُون، فَقَالَ أَحْمد: أَمِير الْمُؤمنِينَ أفضل من آبَائِهِ قدرا، وَأَرْفَع محلا. وَقَالَ إِبْرَاهِيم: بل أَمِير الْمُؤمنِينَ أرفع أهل دهره، ودوين آبَائِهِ. فَقَالَ الْمَأْمُون: يَا أَحْمد، إِن إِبْرَاهِيم يبنيني، وَأَنت تهدمني، وَهُوَ يبرم فتل مريرتي، وَأَنت تنقضني. قَالَ بَعضهم: حضرت الْمَأْمُون وَقد قطعت لَهُ ثِيَاب خَز، فَقَالَ: بطنوها بألوان طرزها. وَلما احْتضرَ قَالَ: يَا من لَا يَزُول ملكه إرحم من زَالَ ملكه. ضرب رجل على سكته، فَأمر بحبسه مُؤَبَّدًا، فلبى فِي الْحَبْس ليخرج فَرفع إِلَيْهِ الْخَبَر فَوَقع الْمَأْمُون: أَظن هَذَا الرجل الخائن قصد خلاف نِيَّته فِي الْحَج، وَأظْهر ضد عزيمته، وَقد أَخْطَأت استه الحفرة فَإِذا حرم الْحَج بِسوء تَدْبيره، فَلَنْ يعْدم فَتْوَى صادقه من فَرِيضَة محكمَة، هُوَ محصر وَعَلِيهِ الْهَدْي، فليأخذ بتعجيله وَلَا يرخص لَهُ فِي بِتَأْخِيرِهِ. وَسمع رجلا يَقُول: قلب الله الدُّنْيَا فَقَالَ الْمَأْمُون: إِذا تستوي. واختصم بِحَضْرَتِهِ بَصرِي وكوفي، فَقَالَ للبصري: إرمه بآيتيك الْمَدّ والجزر، وَمُحَمّد بن عباد. وَدخل إِلَيْهِ يحيى بن الْحُسَيْن الطَّالِبِيُّ، فَقَالَ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، حيرتني عارفتك، حَتَّى مَا أَدْرِي كَيفَ أشكرك. قَالَ: فَلَا عَلَيْك، فَإِن الزِّيَادَة فِي الشُّكْر على الصنيعة ملق، وَإِن النَّقْص عي، وحسبك أَن تبلغ حَيْثُ بلغ بك.

<<  <  ج: ص:  >  >>