للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَقَالَ لعبد الله بن طَاهِر: تثبت، فَإِن الله قد قطع عذر العجول، بِمَا مكنه من التثبت، وَأوجب عَلَيْهِ الْحجَّة على القلق، بِمَا بَصَره من فضل الأناة. فَقَالَ ابْن طَاهِر: أأكتبه: فَقَالَ: نعم. قَالُوا: لما وجد عمر بن فَرح كتابا من أهل الكرخ إِلَى عَليّ بن مُحَمَّد بن جَعْفَر بن مُحَمَّد - رَضِي الله عَنْهُم - جَاءَ بِهِ إِلَى الْمَأْمُون، فَقَالَ الْمَأْمُون: نَحن أولى من ستر هَذَا وَلم يشعه. ودعا عَليّ بن مُحَمَّد، فَقَالَ لَهُ: قد وقفنا على أَمرك، وَقد وهبنا ذَلِك لعَلي وَفَاطِمَة - رَضِي الله عَنْهُمَا - فَاذْهَبْ، وتخير مَا شِئْت من الذُّنُوب، فَإنَّا نتخير لَك مثل ذَلِك من الْعَفو. رفع الْوَاقِدِيّ قصَّة إِلَيْهِ يشكو غَلَبَة الدّين، وَقلة الصَّبْر، فَوَقع الْمَأْمُون عَلَيْهَا: أَنْت رجل فِيك خلَّتَانِ: السخاء وَالْحيَاء، فَأَما السخاء. فَهُوَ الَّذِي أطلق مَا فِي يدك، وَأما الْحيَاء فَبلغ بك مَا أَنْت عَلَيْهِ، وَقد أمرنَا لَك بِمِائَة ألف دِرْهَم. فان كُنَّا أصبْنَا إرادتك فازدد فِي بسط يدك وَإِن كُنَّا فَإِن كُنَّا لم نصب إرادتك فبجنايتك على نَفسك. وَأَنت كنت حَدَّثتنِي، وَأَنت على قَضَاء الرشيد، عَن مُحَمَّد بن إِسْحَاق عَن الزُّهْرِيّ عَن أنس بن مَالك أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ للزبير: " يَا زبير، إِن مَفَاتِيح الرزق بِإِزَاءِ الْعَرْش، ينزل الله للعباد على قدر نفقاتهم، فَمن كثر كثر لَهُ. وَمن قلل قلل لَهُ. قَالَ لِلْوَاقِدِي: وَكنت أنسيت هَذَا الحَدِيث، فَكَانَت مذاكرته إيَّايَ بِهِ أعجب إِلَيّ من صلته. وَقَالَ لِلْمَأْمُونِ: الطَّعَام لون وَاحِد. فَإِذا استطبته فاشبع مِنْهُ. والندمان وَاحِد، فَإِذا استطبته فاستزده حَتَّى تقضي وطرك مِنْهُ. وَذكر أَن إِبْرَاهِيم بن الْمهْدي دخل على الْمَأْمُون، وَبَين يَدَيْهِ صَاع رطب، فَقَالَ: أدن فَكل. فَقَالَ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ على مَا بِي؟ وَكَانَ وجع الْعين، فَقَالَ: وَيحك وَلَا تهب عَيْنك للرطب. وَدخل إِلَيْهِ الطَّبِيب فَشَكا إِلَيْهِ وجع الْأَسْنَان، فَقَالَ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ لَا تَأْكُل الرطب وَلَا تشرب المَاء بثلج، فَقَالَ: لولاهما مَا أردتك.

<<  <  ج: ص:  >  >>