للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

جائراً، وَلَكِنِّي لَا أرْضى إِلَّا بِإِزَالَة الشُّبْهَة، وَغَلَبَة الْحجَّة، وَإِن شَرّ الْمُلُوك عقلا، وأسخفهم رَأيا من رَضِي بقَوْلهمْ: صدق الْأَمِير. وقف أَحْمد بن أَحْمد بن عُرْوَة بَين يَدَيْهِ، وَقد صرفه عَن الأهواز، فَقَالَ لَهُ الْمَأْمُون: أخربت الْبِلَاد، وأهلكت الْعباد. فَقَالَ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، مَا تحب أَن يفعل الله بك إِذا وقفت بَين يَدَيْهِ، وَقد قرعك بذنوبك؟ فال: الْعَفو والصفح. قَالَ: فافعل بغيرك مَا تخْتَار أَن يفعل بك. قَالَ: قد فعلت. إرجع إِلَى عَمَلك، فوال مستعطف خير من وَال مُسْتَأْنف. وَتَأَخر سَابق الْحَاج مرّة عَن وقته، ثمَّ ورد وَرفع قصَّة، فَألْحق بِنُقْطَة الْبَاء نقطة أُخْرَى، وَجعله سائق الْحَاج. وَقَالَ لَهُ رجل: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، وَانْظُر لعرب الشَّام كَمَا نظرت لعجم خُرَاسَان. فَقَالَ: لأيهم أنظر؟ لقيس؟ فو الله مَا أزلتها عَن ظُهُور خيلها حَتَّى لم يبْق لي دِرْهَم مروانية عِنْد اضطرارها زبيرية باختيارها. أم لتميم؟ فوَاللَّه مَا يعْرفُونَ إِلَّا الْأكل والغدر، وَأما الْيمن فالعجم أقرب إِلَيْنَا مِنْهُم، وَمَا أحبونا قطّ، وقضاعة مذبذبة فِي نَسَبهَا، شَادَّة حزم دوابها، تنْتَظر خُرُوج السفياني لتَكون زعمت مِنْهُ، وَأما ربيعَة فساخطة على الله مُنْذُ بعث نَبيا من مُضر، وَمَا خرج اثْنَان قطّ إِلَّا كَانَا ربعيين أَو أَحدهمَا، فاغرب قبح الله مَا أَشرت إِلَيْهِ. وَوَقع إِلَى عَليّ بن هِشَام وَقد شكاه غَرِيم لَهُ: لَيْسَ لَهُ من الْمُرُوءَة إِن تكون آنيتك من ذهب وَفِضة، وَيكون غريمك عَارِيا، وجارك طاوياً. وَكَانَ يَقُول: أسلم أَبُو طَالب بقوله: نصرنَا الرَّسُول رَسُول المليك ... بقضب تلألأ كَلمعِ البروق وَقَالَ الْمَأْمُون: الرُّتْبَة نسب يجمع أَهلهَا، فشريف الْعَرَب أولى بشريف الْعَجم من شرِيف الْعَرَب بوضيع الْعَرَب، وشريف الْعَجم أولى بشريف الْعَرَب من شرِيف الْعَجم بوضيع الْعَجم، فأشراف النَّاس طبقَة كَمَا أَن أوضاعهم طبقَة.

<<  <  ج: ص:  >  >>