للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْأمة قَالَ: بلَى. قَالَ: فَلم تروي عَنهُ؟ قَالَ: لِأَنَّهُ ثِقَة فِي الحَدِيث صَدُوق. قَالَ: فَإِن الْمَجُوسِيّ ثِقَة فِي الحَدِيث صَدُوقًا فِيمَا يَقُوله أتروي عَنهُ؟ فَقَالَ لَهُ عَليّ: أَنْت شغاب يَا أَبَا إِسْحَاق. وَقَالَ: كتبنَا إِلَى الْمَأْمُون عَن المعتصم بِفَتْح مَدِينَة، فَلَمَّا قَرَأنَا الْكتاب عَلَيْهِ قَالَ: قل فِي أَوله: وكتابي كتاب مِنْهُ لخَبر، لَا مُعْتَد بأثر، فزدنا فِيهِ. وَقَالُوا: كَانَ المعتصم من أَشد النَّاس، وَكَانَ يُسمى مَا بَين أصبعيه: السبابَة، وَالْوُسْطَى: المقطرة. وَاعْتمد بهَا مرّة على ساعد إِنْسَان فدقه. وَكتب إِلَيْهِ ملك الرّوم كتابا يتهدده فِيهِ، فَأمر أَن يكْتب جَوَابه، لما قرئَ عَلَيْهِ لم يرضه، وَقَالَ لِلْكَاتِبِ: أكتب. بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم. أما بعد، فقد قَرَأت كتابك، وَالْجَوَاب مَا ترى لَا مَا تسمع. " وَسَيعْلَمُ الْكفَّار لمن عُقبى الدَّار ". وَلما دخل إِلَيْهِ المازيار - وَكَانَ شَدِيد الغيظ عَلَيْهِ - قيل لَهُ: لَا تعجل عَلَيْهِ، فَإِن عِنْده أَمْوَالًا جمة، فَأَنْشد بَيت أبي تَمام: إِن الْأسود أسود الغاب همتهايوم الكريهة فِي المسلوب لَا السَّلب وَلما قبض على عجيف، وَقَتله بعد قتل الْعَبَّاس بن الْمَأْمُون بمديدة، وَقد كَانَ الْمَأْمُون قَالَ لعجيف: قد خفت على نَفسِي فاكتم عَليّ. فوشى بِهِ إِلَى المعتصم فَلَمَّا حَبسه قَالَ لَهُ: اصطنعك الْمَأْمُون فأفشى إِلَيْك كلمة، فَلم تحفظها عَلَيْهِ، حَتَّى نممتها إِلَيّ. قَالَ ابْن أبي دواد: كَانَ المعتصم يَقُول لي: يَا أَبَا عبد الله، عض ساعدي بِأَكْثَرَ قوتك. فَأَقُول: وَالله يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، مَا تطيب نَفسِي بذلك، فَيَقُول: إِنَّه لَا يضرني فأروم ذَلِك، فَإِذا هُوَ لَا تعْمل فِيهِ الأسنة، فَكيف الْأَسْنَان.

<<  <  ج: ص:  >  >>