للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جُلَسَائِهِ؛ فَقَالَ الْحَاجِب: إِنَّهَا أَكثر من ذَلِك، فَقَالَ: أَنا أَكثر مِنْهَا. فَفعل؛ ثمَّ كتب إِلَى زيادٍ: بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم. " إِن الْإِنْسَان ليطْغى أَن رءاه اسْتغنى ". كَانَ أَبُو سُفْيَان إِذا نزل بِهِ جارٌ قَالَ لَهُ: يَا هَذَا؛ إِنَّك قد اخترتني جاراً واخترت دَاري دَارا؛ فجناية يدك عَليّ دُونك، وَإِن جنت عَلَيْك يدٌ فاحتكم حكم الصَّبِي على أَهله. ولى أَبُو بكر - رَضِي الله عَنهُ - يزِيد بن أبي سُفْيَان ربعا من أَربَاع الشَّام، فرقى الْمِنْبَر فَتكلم، فأرتج عَلَيْهِ، فاستأنف، فأرتج عَلَيْهِ؛ فَقطع الْخطْبَة ثمَّ أقبل على النَّاس؛ فَقَالَ: " سَيجْعَلُ الله بعد عسرٍ يسرا، وَبعد عيٍّ بَيَانا، وَأَنْتُم إِلَى أميرٍ فعال أحْوج مِنْكُم إِلَى أميرٍ قوالٍ. " فَبلغ كَلَامه عَمْرو بن الْعَاصِ؛ فَقَالَ: هن مخرجاتي من الشَّام. اسْتِحْسَانًا لكَلَامه. ذكر الْعُتْبِي: أَن مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان أسر إِلَى عَمْرو بن عَنْبَسَة بن أبي سُفْيَان حَدِيثا، قَالَ عَمْرو: فَجئْت إِلَى أبي، فَقلت: إِن أَمِير الْمُؤمنِينَ أسر إِلَيّ حَدِيثا، أفأحدثك بِهِ؟ قَالَ: لَا؛ لِأَنَّهُ من كتم حَدِيثه كَانَ الْخِيَار إِلَيْهِ، وَمن أظهره كَانَ الْخِيَار عَلَيْهِ، فَلَا تجْعَل نَفسك مَمْلُوكا، بعد أَن كنت مَالِكًا. فَقلت: أَو يدْخل هَذَا بَين الرجل وَابْنه؟ قَالَ: لَا، وَلَكِن أكره أَن تذلل لسَانك بإفشاء السِّرّ. قَالَ: فَرَجَعت إِلَى مُعَاوِيَة، فَذكرت ذَلِك لَهُ. فَقَالَ: أعتقك أخي من رق الْخَطَأ. خطب عتبَة بن أبي سُفْيَان النَّاس بِالْمَوْسِمِ فِي سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين، وعهد النَّاس حديثٌ بالفتنة، فَاسْتَفْتَحَ، ثمَّ قَالَ: أَيهَا النَّاس؛ إِنَّا قد ولينا هَذَا الْموضع الَّذِي يُضَاعف الله عز وَجل للمحسنين فِيهِ الْأجر، وعَلى الْمُسِيء الْوزر، فَلَا تمدوا الْأَعْنَاق إِلَى غَيرنَا، فَإِنَّهَا تَنْقَطِع دُوننَا، وَرب متمنٍ حتفه فِي أمْنِيته. اقْبَلُوا الْعَافِيَة مَا قبلناها مِنْكُم وَفِيكُمْ، وَإِيَّاكُم وَلَو، فقد أَتعبت من كَانَ قبلكُمْ، وَلنْ تريح من بعدكم. اسْأَل الله أَن يعين كلا على كلٍّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>