للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فنعق أَعْرَابِي من مؤخرٍ الْمَسْجِد، فَقَالَ: أَيهَا الْخَلِيفَة؛ فَقَالَ: لست بِهِ وَلم تبعد. قَالَ: فيا أَخَاهُ. قَالَ: قد أسمعت فَقل. قَالَ: وَالله لَئِن تحسنوا وَقد أسأنا خيرٌ لكم من أَن تسيئوا وَقد أحسنا؛ فَإِن كَانَ الْإِحْسَان لكم، فَمَا أحقكم باستتمامه وَإِن كَانَ لنا فَمَا أحقكم بمكافأتنا رجلٌ من بني عامرٍ يمت إِلَيْكُم بالعمومة، وَيخْتَص إِلَيْكُم بالخؤولة، وَقد وَطئه كيد زمانٍ، وَكَثْرَة عِيَال، وَفِيه أجرٌ، وَعِنْده شكرٌ. فَقَالَ عتبَة: أستعيذ بِاللَّه مِنْك، وَأَسْتَعِينهُ عَلَيْك، قد أمرت لَك بغناك، فليت إسراعنا إِلَيْك يقوم بإبطائنا عَنْك. قَالَ دَاوُد بن عَليّ لإسماعيل بن عَمْرو بن سعيد بن الْعَاصِ، بعد قَتله من قتل من بني أُميَّة: أساءك مَا فعلت بِأَصْحَابِك؟ قَالَ: كَانُوا يدا فقطعتها، وعضداً ففتتها، وَمرَّة فنقضتها، وجناحاً فنتفته. قَالَ: إِنِّي لخليقٌ أَن ألحقك بهم. قَالَ: إِنِّي إِذا لسعيدٌ. قيل لأبي سُفْيَان: بِمَ سدت قَوْمك؟ قَالَ: لم أخاصم أحدا إِلَّا تركت للصلح موضعا. خطب عُثْمَان بن عَنْبَسَة بن أبي سُفْيَان إِلَى عتبَة بن أبي سُفْيَان ابْنَته، فأقعده على فَخذه، وَكَانَ حَدثا؛ فَقَالَ: أقرب قريبٍ خطب أحب حبيب، لَا أَسْتَطِيع لَهُ ردا، وَلَا أجد من تشفيعه بدا قد زَوجتك، وَأَنت أعز عَليّ مِنْهَا، وَهِي ألوط. بقلبي مِنْك، فأكرمها يعذب على لساني ذكرك، وَلَا تهنها فيصغر عِنْدِي قدرك، وَقد قربتك مَعَ قرابتك، فَلَا تباعدن قلبِي مِنْك. رأى أَبُو سُفْيَان رَسُول الله - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - فَقَالَ للْعَبَّاس: يَا أَبَا الْفضل؛ مَا رَأَيْت كَالْيَوْمِ طَاعَة قومٍ، وَلَا فَارس الأكارم، وَلَا الرّوم ذَات الْقُرُون. وَقَالَ أَبُو سُفْيَان: إِن مُحَمَّدًا لم يناكر أحدا قطّ. إِلَّا كَانَ مَعَه الْأَهْوَال. يناكر: يحارب، وَقيل: يُخَادع، وَقَوله: الْأَهْوَال مثل قَول النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: " نصرت بِالرُّعْبِ ".

<<  <  ج: ص:  >  >>