للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ أَبُو سُفْيَان فِي غَزْوَة السويق: أما أخذت سَيْفا وَلَا نبْلًا إِلَّا تعسر عَليّ، وَلَقَد قُمْت إِلَى بكرَة قحدةٍ، أُرِيد أَن أعرقبها، فَمَا استطبعت سَيفي لعرقوبها، فتناولت الْقوس والنبل؛ لأرمي ظَبْيَة عصماء نرد بهَا قرمنا، فانثنت على سيتاها وانمرط قذذ السهْم وانتصل فَعرفت أَن الْقَوْم لَيست فيهم حيلةٌ. وَفد ابْن عَامر على عُثْمَان فَدخل عَلَيْهِ - وَعِنْده أَبُو سُفْيَان - فَقَالَ لَهُ أَبُو سُفْيَان: من اسْتخْلفت على أهل الْبَصْرَة؟ قَالَ: زياداً. قَالَ: جد ثديا أمك. اسْتخْلفت عَلَيْهِم رجلا من الْفرس. وخطب عَمْرو بن سعيدٍ فِي فتْنَة ابْن الزبير، فَقَالَ: يَا أهل الْمَدِينَة؛ أبنا تضربون سُيُوفكُمْ؟ . أما إِنَّكُم فَعلْتُمْ فعلتكم الأولى فأقالكم، وَلَو انتقم بِالْأولِ لم تعودوا إِلَى الثَّانِيَة، وَلَكِنَّكُمْ صادفتم مسناً رحِيما، قد فني غَضَبه، وَبَقِي حلمه؛ فقد وليناكم بالشاب المقتبل الطَّوِيل الأمل، الْبعيد الْأَجَل، حِين خرج من الصغر، وَدخل فِي الْكبر؛ رفيقٌ عنيف، رقيقٌ كثيف، إِن عض نهس، وَإِن سَطَا فرس، لَا يقعقع لَهُ بالشنان، وَلَا يقرع لَهُ بالعصا، يرى مَا غَابَ عَنهُ كَمَا يرى مَا حضر. وَرَأى عَمْرو بن عتبَة بن أبي سُفْيَان رجلا يشْتم رجلا، وَآخر يستمع لَهُ؛ فَقَالَ للمستمع: نزه اسْتِمَاع عَن الخناكما تنزه لسَانك عَن الْكَلَام بِهِ؛ فَإِن السَّامع شريك الْقَائِل، وَإِنَّمَا نظر إِلَى شَرّ مَا فِي وعائه فأفرغه فِي وعائك، وَلَو ردَّتْ كلمة جاهلٍ فِي فِيهِ لسعد رادها، كَمَا شقي قَائِلهَا. قَالَ أَبُو سُفْيَان عِنْد مَا بلغه تَزْوِيج النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام أم حَبِيبَة ابْنَته. وَقيل لأبي سُفْيَان: مثلك تنْكح نساؤه بِغَيْر إِذْنه؛ فَقَالَ: ذَاك الْفَحْل لَا يُقْدَع أَنفه. قَالَ أَبُو سُفْيَان لرَسُول الله - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم -: استعملني، فَاسْتَعْملهُ على سوق عكاظ، فَأَتَاهُ رجلَانِ يتنازعان، فَقَالَ أَحدهمَا: إِن هَذَا سرق مني مائَة دِينَار، وَقَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>