للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الآخر: لَيْسَ كَمَا قَالَ، وَلَكِنِّي استسلفته مائَة دِينَار؛ فَأبى أَن يسلفنيها، فَلَمَّا خرج من الْبَيْت، جِئْت برجلَيْن، فأشهدتهما أَنِّي آخذٌ من عيبته مائَة دِينَار، وَأَنَّهَا عَليّ لَهُ؛ فَقَالَ أَبُو سُفْيَان: أول مَا أَقْْضِي بِهِ أَنَّك لئيمٌ، وَأَن هَذَا لَا قطع عَلَيْهِ. قَالَ: فَأبى الْمُدَّعِي حَتَّى ارتفعوا إِلَى رَسُول الله - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - فَقَالَ: قد قضيت بِقَضَاء أبي سُفْيَان ". اسْتعْمل عبد الْملك نَافِع بن عَلْقَمَة بن صَفْوَان على مَكَّة؛ فَخَطب ذَات يومٍ وَأَبَان بن عُثْمَان تَحت الْمِنْبَر، فشتم طَلْحَة وَالزُّبَيْر؛ فَلَمَّا نزل قَالَ لأَبَان: أرضيتك فِي المدهنين فِي أَمِير الْمُؤمنِينَ؟ قَالَ: لَا وَالله، وَلَكِن سؤتني، حسبي أَن يَكُونَا شُرَكَاء فِي أمره. قَالَ أَبُو عُثْمَان الجاحظ: فَمَا أَدْرِي أَيهمَا أحسن: كَلَام أبان بن عُثْمَان هَذَا أم كَلَام إِسْحَاق بن عِيسَى، فَإِنَّهُ قَالَ: أعيذ عليا بِاللَّه أَن يكون قتل عُثْمَان، وأعيذ عُثْمَان بِاللَّه أَن يقْتله عَليّ. قَالَ: وَذهب إِلَى معنى الحَدِيث فِي قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " أَشد أهل النَّار عذَابا من قتل نَبيا أَو قَتله نبيٌ ". قَالُوا: لما استتب الْأَمر لمعاوية قدم عبد الله بن عَبَّاس، وَهِي أول قدمةٍ قدمهَا عَلَيْهِ، فَدخل وَكَأَنَّهُ قرحةٌ يتبجس، فَجعل عتبَة بن أبي سُفْيَان يُطِيل النّظر إِلَى ابْن عباسٍ، ويقل الْكَلَام مَعَه. فَقَالَ ابْن عَبَّاس: يَا عتبَة؛ إِنَّك لتطيل النّظر إِلَيّ، وتقل الْكَلَام معي. ألموجدةٍ فدامت، أَو لمعتبةٍ فَلَا زَالَت؟ قَالَ لَهُ عتبَة: مَاذَا أبقيت لما لَا رَأَيْت؟ أما طول نَظَرِي إِلَيْك فسروراً بك، وَأما قلَّة كَلَامي مَعَك فقلته مَعَ غَيْرك، وَلَو سلطت الْحق على نَفسك لعَلِمت أَنه لَا ينظر إِلَيْك عين مبغضٍ. فَقَالَ ابْن عَبَّاس: أمهيت يَا أَبَا الْوَلِيد، أمهيت لَو تحقق عندنَا أَكثر مِمَّا ظنناه لمحاه أقل مِمَّا قلت. فَذهب بعض من حضر أَن يتَكَلَّم، فَقَالَ مُعَاوِيَة: اسْكُتْ. وَجعل مُعَاوِيَة يصفق بيدَيْهِ وَيَقُول: جندلتان اصطكتا اصطكاكا ... دَعَوْت عركاً إِذْ دعوا عراكا

<<  <  ج: ص:  >  >>