للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لي؟ وَأَنا ابْن عَجَائِز الْجنَّة، وَلَكِن إِن شِئْت أَخْبَرتك من لَا أم لَهُ يَا بن المتمنية؛ فَقَالَ عبد الْملك: أَقْسَمت عَلَيْك أَلا تفعل، فَكف عُرْوَة - أَرَادَ بقوله: يَا بن المتمنية، قَول أم الْحجَّاج، وَهِي الفارعة بنت همام. أَلا سَبِيل إِلَى خمرٍ فأشربها ... أم لَا سَبِيل إِلَى نصر بن حجاج؟ لما أخرج ابْن الزبير ابْن الْعَبَّاس من مَكَّة إِلَى الطَّائِف، مر بنعمان. فَنزل فصلى رَكْعَتَيْنِ، ثمَّ رفع يَدَيْهِ يَدْعُو، فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّك تعلم أَنه لم يَك بلدٌ أحب إِلَيّ أَن أعبدك فِيهِ من الْبَلَد الْحَرَام، وَلَا أحب إِلَيّ أَن يقبض فِيهِ روحي مِنْهُ، وَإِن ابْن الزبير أخرجني عَنهُ؛ ليَكُون أقوى لَهُ فِي سُلْطَانه، اللَّهُمَّ فأوهن كَيده، وَاجعَل دَائِرَة السوء عَلَيْهِ. فَلَمَّا دنا من الطَّائِف تَلقاهُ أَهلهَا فَقَالُوا: يَا بن عَم رَسُول الله، أَنْت وَالله أحب إِلَيْنَا وَأكْرم علينا مِمَّن أخرجك، هَذِه مَنَازلنَا، تخير فَانْزِل مِنْهَا حَيْثُ أَحْبَبْت، فَنزل منزلا، فَكَانَ يجلس لأهل الطَّائِف فِي مَسْجِدهمْ بعد الْفجْر وَبعد الْعَصْر، فيتكلم فيحمد الله، وَيذكر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَيذكر الْخُلَفَاء فَيَقُول: ذَهَبُوا فَلم يدعوا أمثالهم، وَلَا أشباههم، وَلَا مدانيهم؛ وَلكنه بَقِي أقوامٌ يريغون الدُّنْيَا بِعَمَل الْآخِرَة، يلبسُونَ جُلُود الضَّأْن لتحسبوهم من الزاهدين فِي الدُّنْيَا، يراءونكم بأعمالهم، ويسخطون الله بسرائرهم، فَادعوا الله أَن يقْضِي لهَذِهِ الْأمة بِالْإِحْسَانِ، فيولي أمرهَا خِيَارهَا وأبرارها، وَيهْلك شِرَارهَا فجارها. ارْفَعُوا أَيْدِيكُم إِلَى ربكُم، وَسَلُوهُ ذَلِكُم فيفعلون. فَبلغ الْخَبَر ابْن الزبير فَكتب إِلَيْهِ: أما بعد؛ فقد بَلغنِي أَنَّك تجْلِس لأهل الطَّائِف العصرين، تفتيهم بِالْجَهْلِ وتعيب أهل الْحلم وَالْفضل، وَإِن حلمي عَنْك، واستدامتي فِيك جرءاك عَليّ، فَاكْفُفْ - لَا أَبَا لغيرك - من غربك. واربع على ظلعك، واعقل إِن كَانَ لَك

<<  <  ج: ص:  >  >>