للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الزبير، أيم الله مَا قلت صَوَابا، وَلَا هَمَمْت برشد، أرهط. رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تعيب، وإياهم تقتل؟ وَالْعرب حولك، وَالله لَئِن لم ينصرهم النَّاس لينصرهم الله مِنْك. قَالَ. فَقَالَ ابْن الزبير: اجْلِسْ يَا أَبَا صَفْوَان؛ فَإنَّك لست بناموسٍ وَبلغ الْخَبَر عبد الله بن الْعَبَّاس؛ فَخرج يتَوَكَّأ على يَد ابْنه حَتَّى دخل الْمَسْجِد، فقصد قصد الْمِنْبَر، فَقَالَ: أَيهَا النَّاس، إِن ابْن الزبير يَقُول: أَن لَا أول وَلَا آخر لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فو الله إِن أول من ألف الإلف، وَأَجَازَ عيرات قُرَيْش لهاشم، وَمَا شدت بَعِيرًا لسفرٍ، وَلَا أناخت بَعِيرًا لحضرٍ إِلَّا بهاشمٍ، وَإِن أول من سقى بِمَكَّة عذباً، وَجعل بَاب الْكَعْبَة ذَهَبا لعبد الْمطلب، ثمَّ لقد نشأت ناشيتنا مَعَ ناشيتهم، فَإِن كُنَّا لقالتهم إِذا قَالُوا، وخطباؤهم إِذا نطقوا، وَمَا عددت مجداً كمجد أولنا، وَلَا كَانَ فِيهَا مجدٌ لغيرنا، إِلَّا فِي كفر ماحقٍ، ودينٍ فاسقٍ، وضلةٍ ضَالَّة فِي عشواء عمياء، حَتَّى اخْتَار لَهَا الله نورا، وَبعث لَهَا سِرَاجًا، فَأَخذه طيبا من طيب، لَا يسب بمسبةٍ، وَلَا تغوله غائلةٌ. فَكَانَ أَحَدنَا وولدنا وعمنا وَابْن عمنَا، ثمَّ إِن السَّابِقين إِلَيْهِ لمنا اللِّسَان، ثمَّ إِنَّا لخير النَّاس بعده صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أظهرهم أدباً، وَأكْرمهمْ حسباً، وَالْعجب عجبا، أَن ابْن الزبير يعيب أَولا وآخراً من كَانَ لَهُ لسانٌ نطق. كذب أَو صدق. مَتى كَانَ عوامٌ بن عوامٍ يطْمع فِي صَفِيَّة، لقد جَلَست الْفرس بغلاً، أما وَالَّذِي لَا إِلَه غَيره إِنَّه لمصلوب قريشٍ، وَإنَّهُ لأم عُفيَ تغزل من استها، لَيْسَ لَهَا سوى بَيتهَا. من أَبوك يَا بغل؟ قَالَ: أُمِّي الْفرس. قَالُوا: صلى عبد الله بن الزبير بِالنَّاسِ، ثمَّ الْتفت إِلَيْهِم فَقَالَ: لَا يبعدن ابْن هِنْد؛ إِنَّه كَانَت فِيهِ مخارج لَا نجدها فِي أحدٍ بعده، وَالله إِن كُنَّا لنفرقه فيتفارق لنا، وَمَا اللَّيْث الْحَرْب على براثنه بأجرأ مِنْهُ. وَإِن كُنَّا لنخدعه، وَمَا ابْن ليلةٍ من أهل الأَرْض بأدهى مِنْهُ فيتخادع لنا. وَالله لَوَدِدْت أَنا متعنَا بِهِ مَا دَامَ من هَذَا الْجَبَل حجر - وَأَشَارَ إِلَى أبي قبيسٍ - لَا يتخون لَهُ عقلٌ، وَلَا بنفض لَهُ مرةٌ. قَالَ عُرْوَة: مَا بر وَالِديهِ من أحد النّظر إِلَيْهِمَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>