وَأكل عِنْد ابْن مكرم، فسقي على الْمَائِدَة ثَلَاث شرباتٍ بَارِدَة، ثمَّ استسقى فسقى شربةً حارة؛ فَقَالَ: لَعَلَّ مزملتكم تعتريها حمى الرّبع. وَمِمَّنْ انتصف من أبي العيناء مُحَمَّد بن مكرم، فَإِنَّهُ صادفه سَاجِدا وَهُوَ يَقُول: يَا رب سَائِلك ببابك. فَقَالَ: تمتن على الله بأنك سائله وَأَنت سَائل كل بَاب. وَسمع مُحَمَّد بن مكرم رجلا يَقُول: من ذهب بَصَره قلت حيلته. فَقَالَ لَهُ: مَا أغفلك عَن أبي العيناء. وَولد لأبي العيناء ابنٌ؛ فأهدى إِلَيْهِ حجرا. يُرِيد قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " وللعاهر الْحجر ". وَمِنْهُم الْعَبَّاس بن رستم؛ فَإِنَّهُ قَالَ يَوْمًا لأبي العيناء: أَنا أكفر مِنْك. فَقَالَ: وَلم؟ قَالَ: لِأَنَّك تكفر ومعك خفيرٌ مثل عبيد الله بن يحيى وَابْن أبي دواد، وَأَنا أكفر بِلَا خفارة. صحب رجلٌ مفلسٌ جمَاعَة فقسموا لَهُ قسْمَة، فَاشْترى دَابَّة وَكِسْوَة، فَكَانَ إِذا حلف يَقُول: وَإِلَّا فدابتي حبيسٌ وثيابي صَدَقَة. ثمَّ قسموا لَهُ قسْمَة أُخْرَى؛ فَاشْترى دَارا وخادماً، فَكَانَ إِذا حلف يَقُول: وَإِلَّا فدابتي حبيسٌ وثيابي صدقةٌ وَغُلَامِي حرٌّ، وداري مقبرةٌ. فَقَالَ أَبُو العيناء: طَالَتْ أيمانه ابْن الزَّانِيَة. كَانَ لمُحَمد بن مكرم غلامٌ يتعشقه، وَكَانَ يَرْمِي بِهِ؛ فَدخل أَبُو العيناء يَوْمًا إِلَيْهِ،؟ فَقَالَ لَهُ: يَا أَبَا العيناء، أما ترى غلامي سديفاً مَعَ إكرامي لَهُ، وفعلي بِهِ ومحبتي لَهُ، وَكَثْرَة مَا أَصله بِهِ من الأمول، وَينْتَفع بجاهي، وَلَا يشْكر لي ذَلِك، وَلَا تظهر عَلَيْهِ النِّعْمَة، وَلَا يرى عِنْده دينارٌ وَلَا دِرْهَم. قَالَ أَبُو العيناء: نعم يَا سَيِّدي كسب الكناسين لَا يكون لَهُ بركَة. وَقَالَ لَهُ أَبُو عَليّ الْبَصِير يَوْمًا: وَيلك إِن لم تغْضب لي بالصناعة فاغضب لي وتعصب بالعمى؛ فَقَالَ أَبُو العيناء: كذبت يَا عاض بظر أمه. أَنا من عُمْيَان الْحمير، وَأَنت من عُمْيَان الْعَصَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute