للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذَلِك الدَّرْب مَكْتُوب فِيهَا: جعلت فدَاك، ضَاعَ لنا بالْأَمْس فِي الدَّرْب حمل؛ فَأَخْبرنِي صبيان دربنا أَنْت سَرقته؛ فتأمر برده متفضلاً. قَالَ أَبُو العيناء: فَكتبت إِلَيْهِ: يَا سُبْحَانَ الله مَا أعجب هَذَا الْأَمر مَشَايِخ دربنا يَزْعمُونَ أَنَّك بغاءٌ وأكذبهم أَنا، وَلَا أصدقهم، وَتصدق أَنْت صبيان دربكم أَنِّي أَنا سرقت الْحمل. قَالَ: فَسكت وَمَا عاودني بِشَيْء. قَالَ أَبُو العيناء: أَنا أؤاكل النَّاس مُنْذُ ثَلَاثِينَ سنة، مَا آثرني إنسانٌ على نَفسه بباذنجانةٍ مضيرة قطّ. وَأكل مرّة ديكبراكة، وَغسل يَده عدَّة مَرَّات فَلم تنق؛ فَقَالَ: كَادَت هَذِه الْقدر أَن تكون نسبا وصهراً. قَالَ يَوْمًا لِابْنِ ثوابة: إِذا شهِدت على النَّاس ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بِمَا كَانُوا يعْملُونَ شهد عَلَيْك أنتن عُضْو فِيك. قَالَ بعض الهاشميين لأبي العيناء: بَلغنِي أَنَّك تخبأ الْعَصَا. قَالَ: وَهُوَ ذَا تدعونها تظهر حَتَّى أخبأها أَنا. ودق عَلَيْهِ إنسانٌ الْبَاب فَقَالَ: من هَذَا؟ . قَالَ: أَنا. قَالَ: هَذَا والدق سَوَاء. وَقَالَ أَبُو العيناء: أَدخل على المتَوَكل رجلٌ قد تنبأ؛ فَقَالَ لَهُ: مَا عَلامَة نبوتك؟ قَالَ: أَن يدْفع إِلَيّ أحدكُم امْرَأَته؛ فَإِنِّي أحبلها فِي الْحَال. فَقَالَ يَا أَبَا العيناء: هَل لَك أَن تعطيه بعض الْأَهْل؟ فَقلت: إِنَّمَا يُعْطِيهِ من كفر بِهِ؛ فَضَحِك وخلاه. ولقيه رجلٌ من إخوانه فَقَالَ لَهُ: أَطَالَ الله بَقَاءَك، وأدام عزك وتأييدك وسعادتك، فَقَالَ أَبُو العيناء: هَذَا العنوان، فكتاب من أَنْت؟ . وَقَالَ لَهُ يَوْمًا عبيد الله بن يحيى الْوَزير - فِي أَمر شهد عَلَيْهِ فِيهِ بشهادةٍ؛ فَقَالَ أَبُو العيناء: لَو كَانَ هَذَا فِي غير دولتك لتمنيت لَهُ دولتك. فَقَالَ: إِن الشُّهُود عَلَيْك كثيرٌ. قَالَ: أَكثر مِنْهُم الَّذين شهدُوا عَلَيْك بإغلاء السّعر وَالزِّيَادَة فِيهِ؛ فَإِن صدقتهم عَليّ فَصَدَّقَهُمْ عَلَيْك.

<<  <  ج: ص:  >  >>