للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ لَهُ يَوْمًا: أعز الله الْوَزير نَحن فِي عطلتك مرحومون، وَفِي وزارتك محرومون. وَيَوْم الْقِيَامَة كل نفسٍ بِمَا كسبت رهينةٌ. وَلما تقطر بعبيد الله فرسه قَالَ أَبُو العيناء: قتل الْجواد الْجواد. واستجفى بعض الرؤساء أَبَا العيناء؛ فَقَالَ لَهُ: أَنا وَالله على بابك أوجد من الْكَذِب على أَبْوَاب بني خاقَان. وَصَارَ يَوْمًا إِلَى بَاب عبيد الله؛ فَقَالَ لَهُ سعدٌ حَاجِبه: هُوَ مَشْغُول يَا أَبَا عبد الله. فَقَالَ: فَفِي شغله أُرِيد لقاءه. قَالَ: لَيْسَ إِلَى ذَلِك سَبِيل. فَقَالَ لَهُ: رزقكم الله الْعود إِلَى الْبَيْت الْحَرَام وَانْصَرف. فَقَالَ سعد: دَعَا علينا لَعنه الله، وَالله إِن كُنَّا بِمَكَّة إِلَّا حَيْثُ نَفينَا. قَالَ أَبُو العيناء، هنأت عبيد الله بن يحيى يَوْمًا بالعيد، ودعوت لَهُ دُعَاء طَويلا؛ فَقَالَ لي الْحسن بن مخلد: حَسبك يَا أَبَا عبد الله؛ فَقلت: يَا أَبَا الْحسن، أعزّك الله. إِن أَبَا مُحَمَّد يستثقل الدُّعَاء لِأَنَّهُ لَا يَثِق بالمدعو. وَقَالَ لَهُ عبيد الله: مَا دعَاك إِلَى الوقيعة فِي مُوسَى بن عبد الْملك بِحَضْرَة أَمِير الْمُؤمنِينَ؟ فَقَالَ: إِنِّي وَالله مَا استعذبت الوقيعة فِيهِ حَتَّى ذممت لَك سَرِيرَته. وَدخل عَلَيْهِ يَوْمًا وَعِنْده نجاح بن سَلمَة، وَأحمد بن إِسْرَائِيل وهما يسارانه؛ فَقَالَ: يَا أَبَا الْحسن: " تحسبهم جَمِيعًا وَقُلُوبهمْ شَتَّى "؛ فَقَالَ نجاح: كذبت يَا عَدو الله؛ فَقَالَ: " لكل نبإٍ مستقرٌ وسوف تعلمُونَ ". وَدخل إِلَى نجاح بن سَلمَة؛ فَقَالَ: لَا تدنس حَصِير صَلَاتي قبحك الله. فَقَالَ أَبُو العيناء لَهُ: لَا. وَلَكِن متمرغ فسقك. وَسقط نجاحٌ عَن دَابَّته؛ فَوَثَبَ إِلَيْهِ إِبْرَاهِيم بن عتابٍ، فَأَخذه من الأَرْض؛ فَقَالَ أَبُو العيناء: يَا أَبَا الْفضل، لميتةٌ مجهزة أصلح من عافيةٍ على يَد ابْن عتاب.

<<  <  ج: ص:  >  >>