وَقيل لَهُ: كَيفَ أَصبَحت؟ قَالَ: أَصبَحت وَالله من المملقين الَّذين لَا يطْمع فيهم نجاح بن سَلمَة. وَقَالَ يَوْمًا لِابْنِ ثوابة: يحْتَاج عقلك إِلَى صمتٍ يستره، ونطقك إِلَى عقلٍ يسدده. وَقَالَ لَهُ ابْن مكرم: كَانَ ابْن الْكَلْبِيّ صَاحب الْبَرِيد يحب أَن يشم الخراء فَقَالَ: لَو رآك لترشفك. وَقَالَ ابْن مكرم يَوْمًا: مَا فِي الدُّنْيَا أَعقل من القحبة؛ لِأَنَّهَا تطعم أطايب الطَّعَام، وتسقي ألذ الشَّرَاب وَتَأْخُذ دَرَاهِم وتتلذذ. فَقَالَ لَهُ أَبُو العيناء: فَكيف عقل والدتك؟ قَالَ: أَحمَق من دغة يَا عاض كَذَا. وَعرضت لَهُ حاجةٌ إِلَى بغا، فَلَقِيَهُ، فَقَالَ: ألق الْفَتْح بن خاقَان فَلَقِيَهُ فوعده، ثمَّ لقِيه فوعده؛ فَلَمَّا كَانَ فِي الْمرة الثَّالِثَة أَلْقَاهُ على سَبِيل ضجرٍ فَقَالَ: أما علمت أَن من طَالب السُّلْطَان احْتَاجَ إِلَى ثَلَاث خلال؟ فَقَالَ: وَمَا هن؟ أعز الله الْأَمِير. قَالَ: عقلٌ وصبرٌ ومالٌ. فَقَالَ أَبُو العيناء: وَلَو كَانَ لي عقلٌ لعقلت عَن الله أمره وَنَهْيه، وَلَو كَانَ لي صبرٌ لصبرت منتظراً لرزقي أَن يأتيني، وَلَو كَانَ لي مالٌ لاستغنيت بِهِ عَن تأميل الْأَمِير، وَالْوُقُوف بِبَابِهِ. وَسَأَلَ أَحْمد بن صَالح حَاجَة فوعده، ثمَّ اقْتَضَاهُ إِيَّاهَا فَقَالَ: حَال دونهَا هَذَا الْمَطَر والوحل؛ فَقَالَ أَبُو العيناء: فحاجتي إِذا صيفية. وَدخل على عبد الرَّحْمَن بن خاقَان - وَكَانَ شاتياً - فَقَالَ لَهُ عبد الرَّحْمَن: كَيفَ ترى هَذَا الْبرد يَا أَبَا عبد الله؟ فَقَالَ: تأبى نعماك أَن أَجِدهُ. وَكَانَ بِحَضْرَة عبيد الله بن سُلَيْمَان؛ فَأقبل الطَّائِي فَعرف مَجِيئه، فَقَالَ: هَذَا رجلٌ إِذا رَضِي عِشْنَا فِي نوافل فَضله، وَإِذا غضب تقوتنا بقايا بره. وَسَأَلَ إِبْرَاهِيم بن مَيْمُون حَاجَة فَدفعهُ عَنْهَا، وَاعْتذر إِلَيْهِ وأعلمه أَنه قد صدقه؛ فَقَالَ لَهُ: قد وَالله سرني صدقك؛ لعوز الصدْق عَنْك، فَمن صدقه حرمانٌ فَكيف يكون كذبه؟ .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute