للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهبت بِالْمَدِينَةِ ريحٌ صَرْصَر، أنكرها النَّاس وفزعوا؛ فَجعل مزبدٌ يدق أَبْوَاب جِيرَانه وَيَقُول: لَا تعجلوا بِالتَّوْبَةِ؛ فَإِنَّمَا هِيَ - وحياتكم - زَوْبَعَة، وسوف تنكشف السَّاعَة. ونام مرّة بِالْمَسْجِدِ، فَدخل رجلٌ فصلى، فَلَمَّا فرغ قَالَ: يَا رب؛ أَنا أُصَلِّي وَهَذَا نَائِم. فَقَالَ مُزْبِد: يَا ابْن أم؛ سل رَبك حَاجَتك. وَلَا تحرشه علينا. وَقَالَت لَهُ امْرَأَته مرّة: قد تمزق خَفِي، وَلَا يتهيأ لي أَن أخرج. قَالَ لَهَا: أَيّمَا أحب إِلَيْك؟ أَن تشتري خفاً أَو أَنِّي. . ك اللَّيْلَة أَرْبَعَة. قَالَت: هَذَا الْخلق يتهيأ أَن يدافع بِهِ الْوَقْت. وَكَانَت لَيْلَة الْفطر مرّة، فعلا مُزْبِد مَنَارَة مَسْجِد رَسُول الله - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - ثمَّ نَادَى: أَلا سمع سامعٌ، إِنَّا قد شردنا رَمَضَان، فَمن آواه فقد بَرِئت مِنْهُ الذِّمَّة. فَسَمعهُ الْوَالِي؛ فَضَربهُ مائَة سوطٍ؛ فَقَالَ: مَا أُبَالِي مَا كنت لأدع لذتها. وَكَانَت بِالْمَدِينَةِ جاريةٌ، يُقَال لَهَا: بصبص، مغنية، يجْتَمع الْأَشْرَاف عِنْد مَوْلَاهَا لسَمَاع غنائها، فَاجْتمع عِنْدهَا يَوْمًا مُحَمَّد بن عِيسَى الْجَعْفَرِي، وَعبد الله بن مُصعب الزبيرِي، فِي جمَاعَة من أَشْرَاف الْمَدِينَة، فتذاكروا أَمر مُزْبِد وبخله، فَقَالَت بصبص: أَنا آخذ لكم مِنْهُ ردهماً. فَقَالَ لَهَا مَوْلَاهَا: أَنْت حرةٌ إِن لم أشتر لَك مخنقةً بِمِائَة دِينَار إِن فعلت هَذَا، وأشتري لَهُ مَعَ ذَلِك ثوب وشيٍ بِمِائَة دِينَار، وَأَجْعَل لَك مَجْلِسا بالعقيق أنحر فِيهِ بَدَنَة لم تركب، وَلم تقتب. فَقَالَت: جِيءَ بِهِ، وَأَرْفَع الْغيرَة عني. قَالَ: أَنْت حرةٌ إِن منعتك مِنْهُ وَلَو رَأَيْته قد رفع رجليك، وَلَا عاديته على ذَلِك ن حصلت مِنْهُ الدِّرْهَم؛ فَقَالَ عبد الله بن مُصعب: أَنا لكم بِهِ زعيم. قَالَ عبد الله: فَصليت الْغَدَاة فِي مَسْجِد الْمَدِينَة، فَإِذا أَنا بِهِ قد أقبل؛ فَقلت: أَبَا إِسْحَاق؛ أما تحب أَن ترى بصبص؟ فَقَالَ: بلَى وَالله. امْرَأَته طَالِق إِن لم يكن الله ساخطاً على فِي أمرهَا فقد جفتني، وَإِلَّا فَأَنا أسأله مُنْذُ سنةٍ أَن أَلْقَاهَا فَلَا تُجِيبنِي.

<<  <  ج: ص:  >  >>