للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَقلت: إِذا صليت الْعَصْر فأتني هَاهُنَا. فَقَالَ: امْرَأَته طَالِق إِن برح يَوْمه من هَاهُنَا إِلَى الْعَصْر. قَالَ: فتصرفت فِي حوائجي حَتَّى فَاتَت الْعَصْر، فَدخلت الْمَسْجِد فَوَجَدته؛ فَأخذت بِيَدِهِ فأتيتهم بِهِ، وَأكل الْقَوْم، وَشَرِبُوا حَتَّى صليت الْعَتَمَة، ثمَّ تساكروا وتناوموا. فَأَقْبَلت بصبص على مُزْبِد؛ فَقَالَت لَهُ: يَا أَبَا إِسْحَاق؛ كَأَنِّي - وَالله - فِي نَفسك تشْتَهي أَن أغنيك السَّاعَة: لقد رحلوا الْجمال ليه ... ربوا منا فَلم يئلوا. قَالَ لَهَا: امْرَأَته طَالِق إِن لم تَكُونِي تعلمين مَا فِي اللَّوْح الْمَحْفُوظ. فغنته إِيَّاه فَقَالَت لَهُ: أَي أَبَا إِسْحَاق كَأَنِّي بك تشْتَهي أَن أقوم من مجلسي فأجلس إِلَى جَنْبك، فَتدخل يدك فِي جلبابي، فتقرص عكني قرصاتٍ وأغنيك: قَالَت وأبثثتها وجدي فبحت بِهِ فَقَالَ لَهَا: امْرَأَته طَالِق إِن لم تَكُونِي تعلمين مَا فِي الْأَرْحَام. وَمَا تكسبه الْأَنْفس غَدا، وَبِأَيِّ أرضٍ تَمُوت. قَالَت: نعم؛ فَقَامَ فَجَلَسَ إِلَى جنبها وَأدْخل يَده فِي جلبابها، وقرصها وغنت لَهُ. ثمَّ قَالَت: برح الخفاء. أَنا أعلم أَنَّك تشْتَهي أَن تقبلني شوق التِّين، وأغنيك هزجاً: أَنا أَبْصرت بِاللَّيْلِ ... غُلَاما حسن الدل كغصن البان قد أصب ... ح مسقياً من الطل فَقَالَ: امْرَأَته طالقٌ إِن لَك تَكُونِي نبيةً مُرْسلَة فقبلها، وغنته. ثمَّ قَالَت: يَا أَبَا إِسْحَاق رَأَيْت قطّ أنذل من هَؤُلَاءِ؟ يدعونك، ويخرجوني إِلَيْك، وَلَا يشْتَرونَ لنا ريحانا بدرهم، هَلُمَّ درهما نشتري بِهِ ريحاناً. فَوَثَبَ وَصَاح: واحرباه أَي زَانِيَة أَخْطَأت استك الحفرة، انْقَطع وَالله عَنْك الْوَحْي

<<  <  ج: ص:  >  >>