للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الَّذِي كَانَ يوحي إِلَيْك، ووثب من عِنْدهَا وَجلسَ نَاحيَة. فعطعط بهَا الْقَوْم، وَعَلمُوا أَن حيلتها لم تنفذ عَلَيْهِ، وعادوا لمجلسهم، وَخرج مُزْبِد من عِنْدهم فَلم يعد إِلَيْهِم. وَقيل لمزبد: أَيَسُرُّك أَن يكون عنْدك قنينة شراب؟ فَقَالَ: يَا بن أم؛ وَمن يسره دُخُول النَّار بالمجان. وضعت امْرَأَته المنخل على فرَاشه، فجَاء، فَلَمَّا رَآهُ تعلق بوتد كَانَ فِي دَاره، فَقَالَت امْرَأَته: مَا هَذَا؟ قَالَ: وجدت المنخل فِي موضعي، فصرت فِي مَوْضِعه. قَالَت امْرَأَة مزبدٍ لجارةٍ لَهَا: يَا أُخْتِي؛ كَيفَ صَار الرجل يتَزَوَّج بأربعةٍ، وَيملك من الْإِمَاء مَا يَشَاء، وَالْمَرْأَة لَا تتَزَوَّج إِلَّا وَاحِدًا وَلَا تستبد بمملوكٍ؟ . قَالَت لَهَا: يَا حبيبتي؛ قومٌ الْأَنْبِيَاء مِنْهُم، وَالْخُلَفَاء مِنْهُم، والقضاة مِنْهُم، وَالشّرط مِنْهُم، تحكموا فِينَا كَمَا شَاءُوا، وحكموا لأَنْفُسِهِمْ بِمَا أَرَادوا. قَالَ مُزْبِد: جَاءَنِي صديقٌ لي فَقَالَ: أَلا تسْأَل فلَانا التَّاجِر أَن يقرضني مائَة دِرْهَم؟ على رهن وثيق، فَإِنِّي بِضيق، مُنْقَطع بِي، فَقلت: إِنَّه يفعل، فَمَا الرَّهْن؟ قَالَ: اكْتُبْ لَهُ على نَفسِي بِالْقَذْفِ، وَأشْهد الْعُدُول، فَإِن وفيته حَقه وَقت الْمحل، وَإِلَّا استعدى عَليّ، وَأقَام الْبَيِّنَة بِأَنِّي قَذَفته، حَتَّى أحد حد الْقَاذِف. فَقلت لَهُ: يَا أخي؛ هَذَا رهنٌ تقل رَغْبَة التُّجَّار فِيهِ. كَانَ لمزبد غُلَام، وَكَانَ إِذا بَعثه فِي حاجةٍ جعل بَينه وَبَينه عَلامَة، أَن يكون إِذا رَجَعَ سَأَلَهُ فَقَالَ: حِنْطَة أَو شعير، فَإِذا كَانَ عَاد بالنحج قَالَ: حِنْطَة، وَإِن لم يقْض الْحَاجة قَالَ: شعير. فَبَعثه يَوْمًا فِي حاجةٍ، فَلَمَّا انْصَرف قَالَ: حنطةٌ أم شعير؟ قَالَ: خرا. قَالَ: وَيلك وَكَيف ذَلِك؟ قَالَ: لأَنهم لم يقضوا الْحَاجة، وضربوني وشتموك. صلى مُزْبِد ذَات يَوْم فِي منزله، وَجعل يَدْعُو فِي دبر صلَاته، وسمعته امْرَأَته. فَقَالَ: اللَّهُمَّ أصليني. فَقَالَت: أما هَذَا يَا رب فَلَا تشركني فِيهِ. فَقَالَ: يَا فاعلة، " تِلْكَ إِذا قسمةٌ ضيزى ". وَسمع رجلا يَقُول لآخر: إِذا استقبلك الْكَلْب فِي اللَّيْل فاقرأ:

<<  <  ج: ص:  >  >>