للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فتساقط الصّبيان بَعضهم على بعض، وتهاربوا، فَقَالَ: هزم الْقَوْم وولوا الدبر. أَمر أَمِير الْمُؤمنِينَ - رَضِي الله عَنهُ - أَلا نتبع موليا، وَلَا ندفف على جريح، ثمَّ رَجَعَ وَجلسَ وَطرح عَصَاهُ، وَقَالَ: فَأَلْقَت عصاها وَاسْتقر بهَا النَّوَى ... كَمَا قر عينا بالإياب الْمُسَافِر وقفده رجلٌ كَانَت قد أَرْضَعَتْه امرأةٌ يُقَال لَهَا مجيبة، وَكَانَت رعناء، فَقَالَ بهْلُول: كَيفَ لَا تكون أرعن، وَقد أَرْضَعتك مجيبة؟ فوَاللَّه لقد كَانَت تزق لي الفرخ فَأرى الرعونة فِي طيرانه. وقف رجلٌ عَليّ بهْلُول، فَقَالَ لَهُ: قد وقفت أَنْت هَاهُنَا، والأمير يُعْطي المجانين كل وَاحِد دِرْهَمَيْنِ، فَقَالَ بهْلُول: فاعرض عَليّ درهميك. قَالَ الْفضل بن يحيى لجعيفران الْمَجْنُون: لم لَا تصير إِلَيّ؟ فَقَالَ: لأَنْت بحرٌ وَلَا أحسن أَن أسبح، فوصله بمالٍ. قيل لبهلول: مَا تَقول فِي رجل مَاتَ وَخلف أما وَزَوْجَة وبنتاً؟ فَقَالَ: للْأُم الثكل، وللابنة الْيُتْم، وللزوجة الْحَرْب، وَمَا بَقِي فللعصبة. وَقَالَ لَهُ الرشيد: أَبُو بكر وَعمر خير من عليٍّ، فَقَالَ: واحدٌ: لَا يجوز بِإِزَاءِ اثْنَيْنِ، وَلَكِن عَليّ وَالْعَبَّاس خيرٌ من أبي بكر وَعمر. قَالَ بَعضهم: رَأَيْت شَيخا قد سكر وَسقط وسط الطَّرِيق، وَهُوَ ينخر، وَمَجْنُون واقفٌ على رَأسه يَقُول: يَا مخذول، تسكر وتنخر؟ . مَا تركت للصلح موضعا.

<<  <  ج: ص:  >  >>