قيل لبهلول: أتأكل فِي السُّوق وَأَنت تجَالس جَعْفَر بن مُحَمَّد رَضِي الله عَنهُ؟ . قَالَ: حَدثنِي مالكٌ عَن نَافِع عَن ابْن عمر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: مطل الْغَنِيّ ظلمٌ لَقِيَنِي الْجُوع، وَالْخبْز فِي كمي؛ فَكرِهت أَن أمطله. ورثى فِي مَقْبرَة؛ فَقيل لَهُ: هلا خالطت النَّاس؟ . فَقَالَ: إِنِّي بَين قوم إِن حضرت لم يؤذوني، وَإِن غبت لم يغتابوني. قيل لَهُ: فَادع الله، فَإِن النَّاس فِي ضرّ وَشدَّة من الغلاء. فَقَالَ: وَمَا عَليّ من ذَلِك، وَلَو بلغت الْحبَّة دِينَارا، وَإِنَّمَا عَليّ أَن أعبد الله كَمَا أَمرنِي، وَعَلِيهِ أَن يَرْزُقنِي كَمَا وَعَدَني. قيل لبهلولٍ: وزن أَبُو بكر وَعمر رَضِي الله عَنْهُمَا بالأمة فرجحا. فَقَالَ: كَانَ بالميزان غبن. وَجَاء بهلولٌ فَوقف بحذاء حَفْص بن غياث القَاضِي، فَقَالَ: هوذا، أجد الْبرد فِي قدمي ورأسي. فَأمر لَهُ بقلنسوةٍ وخفين. فَلَمَّا كَانَ الْيَوْم الثَّانِي وقف بهْلُول بحذائه؛ فَقَالَ لَهُ: مَالك؟ . قَالَ: جزى الله القَاضِي عَن الْأَطْرَاف خيرا؛ فَأمر لَهُ بقميصٍ وسراويلٍ. جَاءَت امْرَأَة دندان الْمَجْنُون إِلَى القَاضِي؛ فَقَالَت: أصلحك الله، إِنَّه يجيعني ويضربني. قَالَ القَاضِي: مَا تَقول؟ . قَالَ دندان: أما الضَّرْب فَنعم، وَأما الْجُوع فَهِيَ طالقٌ ثَلَاثًا إِن لم تجئ معي إِلَى منزلي مَعَ أَصْحَابك أَيهَا القَاضِي، فَقَالَ لأَصْحَابه: قومُوا بِنَا لَا يَحْنَث. فَقَامَ القَاضِي، وَذهب مَعَه، فَلَمَّا دخل جَاءَ بِهِ إِلَى مزبلة فِيهَا رجيعٌ عَظِيم، فَقَالَ: أصلحك الله. هَذَا يخرج من بطن جائعٍ؟ . قَالَ: أخزاك الله، فَإنَّك أَحمَق. قَالَ: أَحمَق مني من أطَاع المجانين. كَانَ بهْلُول يَوْمًا جَالِسا وَالصبيان يؤذونه وَهُوَ يَقُول: لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه. يُعِيدهُ مرَارًا، فَلَمَّا طَال أذاهم لَهُ أَخذ عَصَاهُ وَقَالَ: حمي الْوَطِيس، وَطَابَتْ الْحَرْب، وَأَنا على بينةٍ من رَبِّي. ثمَّ حمل عَلَيْهِم وَهُوَ يَقُول: أَشد على الكتيبة لَا أُبَالِي ... أفيها كَانَ حتفي أم سواهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute