للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ الضَّيْف: يَا سَيِّدي، فَلَيْسَ بَين الفالوذج والقطيفة رغيفٌ وَقَلِيل جبنٍ؟ . وَقَالَ آخر: رَأَيْت كوفياً يُخَاصم جاراً لَهُ ويقاتله، فَقلت: مَا قصتكما؟ ؛ فَقَالَ أَحدهمَا: زارني زائرٌ، فتشهى على رُءُوسًا، فأطعمته، وَأخذت الْعِظَام؛ فرميت بهَا على بَاب دَاري أَتَجَمَّل بهَا، وَأَكَبَّتْ الْعَدو، فجَاء هَذَا، وَأَخذهَا من دَاري، وَجعلهَا على بَاب دَاره. وَكَانَ بعض المياسير مِنْهُم لَهُ والدةٌ عَجُوز: فَقيل لَهَا: كم يجْرِي عَلَيْك ابْنك؟ . قَالَت: درهما فِي كل أضحى. قيل: يَا سُبْحَانَ الله دِرْهَم فِي كل أضحى. قَالَت: نعم، وَرُبمَا أَدخل الْأَضْحَى فِي الْأَضْحَى. وَكَانَ بَعضهم يَأْكُل وَمَعَهُ على الْمَائِدَة ابْنه وَزَوجته؛ فَقَالَ: لعن الله الزحمة؛ فَقَالَ لَهُ ابْنه: يَا أبه، تعنيني؟ فَلَيْسَ هَا هُنَا غَيْرِي وَغير أُمِّي. اقل فترى أَعنِي نَفسِي؟ . خرج نفرٌ من أهل مرو فِي سفر، وصبروا على ترك السراج للارتفاق بِمَا يرجع عَلَيْهِم مِنْهُ حَتَّى أبلغ ذَلِك إِلَيْهِم، فاتفقوا على أَن يخرج كل وَاحِد مِنْهُم شَيْئا للسراج، وَامْتنع واحدٌ مِنْهُم من أَن يُعْطي شَيْئا؛ فَكَانُوا إِذا أسرجوا شدوا عَيْنَيْهِ بمنديل إِلَى وَقت النّوم وَرفع السراج. حُكيَ عَن بعض البخلاء أَنه قَالَ: إِذا رَأَيْت الْجُبْن على مائدةٍ رحمت صَاحبهَا لِكَثْرَة مَا يُؤْكَل من خبزه. ودعا آخر مِنْهُم على صَاحبه؛ فَقَالَ لَهُ: إِن كنت كَاذِبًا فعشيت السكارى بجبن، فَرَأى أَنه قد بَالغ فِي ملاعنته وَالدُّعَاء عَلَيْهِ. عمل سهل بن هَارُون كتابا مدح فِيهِ الْبُخْل، وأهداه إِلَى الْحسن ابْن سهلٍ، فَوَقع على ظَهره: قد جعلنَا ثوابك عَلَيْهِ مَا أمرت بِهِ فِيهِ. قَالَ رجلٌ لغلام: بكم تعْمل معي؟ . قَالَ: بطعامي. قَالَ لَهُ: أحسن قَلِيلا. قَالَ: فأصوم الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيس. قَالَ أَبُو نواس: قلت لرجلٍ من البخلاء: لم تَأْكُل وَحدك؟ فَقَالَ: لَيْسَ هَذَا سؤالاً، وَإِنَّمَا السُّؤَال على من أكل مَعَ الْجَمَاعَة؛ لِأَن ذَلِك تكلفٌ وَهَذَا هُوَ الأَصْل.

<<  <  ج: ص:  >  >>