للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قيل لرجل: من يحضر مائدة فلَان؟ . قَالَ: الْمَلَائِكَة. قَالَ: لم أرد هَذَا. من يَأْكُل مَعَه؟ . قَالَ: الذبان. ومدح رجلٌ الْبُخْل؛ فَقَالَ: كَفاك من كرم الْمَلَائِكَة أَنه لم يبلهم بِالنَّفَقَةِ، وَقَول الْعِيَال: هَات، هَات. قَالَ دينارٌ الْحجام: حجمت أَبَا جَعْفَر الْمَنْصُور فِي خِلَافَته؛ فَأَعْطَانِي أَرْبَعَة دوانق فضَّة، وَأخذت شعر سعيد بن أبي عرُوبَة؛ فَأمر لي بقوصرة فارغة. قَالَ بعض البخلاء: فرحة السكر قلَّة الاحتشام، وفرحة الْخمار قلَّة الْإِنْفَاق. وَقَالَ آخر: من كثرت نَفَقَته كثر ندمه، وَمن كثر ندمه قلت دعواته. قيل على مائدة بعض البخلاء: مَا أحسن الْأَيْدِي على الْمَائِدَة؛ فَقَالَ صَاحب الْمَائِدَة: مقطعَة. قَالَ الْكِنْدِيّ: من ذل الْبَذْل أَنَّك تَقول: نعم. مطأطئاً رَأسك، وَمن عز الْمَنْع أَنَّك تَقول: لَا. رَافعا رَأسك. اشْترى كوفيٌّ مزادة ماءٍ برغيف؛ فَقَالَ لصَاحبه: كَيفَ ترى استرخاصي هَذِه المزادة؟ . قَالَ: فِيهَا غلاء غُصَّة. استسلف بعض الصيارفة من بقال كَانَ على بَابه دِرْهَمَيْنِ وقيراطا؛ فقضاه بعد سِتَّة أشهرٍ دِرْهَمَيْنِ وَثَلَاث حبات. فَقَالَ الْبَقَّال: سُبْحَانَ الله أَلا تستحيي؟ أَنْت رب مائَة ألف دِرْهَم، رأنا بقالٌ لَا أملك مائَة فلس، تنقضني بعد هَذِه الْمدَّة الطَّوِيلَة؛ فَقَالَ: مَا توهمت مِنْك مَا ظهر لي من قلَّة معرفتك بِالْحِسَابِ. أسلفتني - أبقاك الله - فِي الصَّيف دِرْهَمَيْنِ وَأَرْبع شعيرات؛ فقضيتك فِي الشتَاء دِرْهَمَيْنِ وَثَلَاث شعيرات شتوية نديةٍ أرزن من أَربع شعيرات يابسةٍ صيفية، وَمَا أَشك أَن مَعَك فضلا. دخل هِشَام بن عبد الْملك حَائِطا لَهُ فِيهِ أَشجَار فَاكِهَة، وَمَعَهُ أَصْحَابه، فَجعلُوا يَأْكُلُون مِنْهُ، وَيدعونَ لَهُ بِالْبركَةِ؛ فَقَالَ هِشَام: كَيفَ يُبَارك فِيهِ وَأَنْتُم تَأْكُلُونَ؟ ، ثمَّ قَالَ: يَا غُلَام. اقلع هَذَا واغرس مَكَانَهُ الزَّيْتُون.

<<  <  ج: ص:  >  >>