قَالَ الْمَنْصُور للوضين بن عَطاء: مَا عِيَالك؟ . قَالَ: ثَلَاث بناتٍ وَالْمَرْأَة. قَالَ؛ فَقَالَ: أربعٌ فِي بَيْتك. قَالَ: فردد ذَلِك حَتَّى ظَنَنْت أَنه سيصلني. قَالَ: ثمَّ رفع رَأسه؛ فَقَالَ أَنْت أيسر الْعَرَب، أَرْبَعَة مغازل تَدور فِي بَيْتك. أرسل مَرْوَان بن أبي حَفْصَة غُلَامه بفلس وسكرجة يَشْتَرِي لَهُ زيتاً؛ فَلَمَّا جَاءَ بالزيت استقله، وَقَالَ للغلام: خُنْتنِي يَا خَبِيث. قَالَ الْغُلَام: كَيفَ أخونك من فلس؟ . قَالَ: أخذت الْفلس لنَفسك، واستوهبت الزَّيْت. وَكَانَ مَرْوَان من أبخل الْخلق: اجتاز مرّة بامرأةٍ من الْعَرَب، فأضافته؛ فَقَالَ لَهَا: عَليّ إِن وهب لي أَمِير الْمُؤمنِينَ مائَة ألف درهمٍ أَن أهب لَك درهما، فَأعْطَاهُ سبعين ألفا، فَأَعْطَاهَا أَرْبَعَة دوانيق. وَسَقَى إنسانٌ بخيلٌ ضيفاً لَهُ نبيذاً عتيقاً على الرِّيق، فتأوه الرجل؛ فَقيل لَهُ: لم لَا تتلكم؟ فَقَالَ: إِن سكت مت، وَإِن تَكَلَّمت مَاتَ رب الْبَيْت. وَكَانَ بعض البخلاء يَأْكُل نصف اللَّيْل، فَقيل لَهُ فِي ذَلِك، فَقَالَ: يبرد المَاء وينقمع الذُّبَاب، وآمن فَجْأَة الدَّاخِل، وصرخة السَّائِل، وصياح الصّبيان. دخل أَبُو الْأسود الدؤَلِي السُّوق يَشْتَرِي شَيْئا، فَقَالَ الرجل: ادن أقاربك؛ فَقَالَ: إِن لم تقاربني أَنْت باعدتك أَنا. قَالَ: بكم؟ . قَالَ: طلب بِكَذَا. قَالَ: أَرَاك تحدث بخيرٍ قد فَاتَ. شكا بعض البخلاء بخله إِلَى بعض الْحُكَمَاء؛ فَقَالَ لَهُ: مَا أَنْت ببخيل؛ لِأَن الْبَخِيل هُوَ الَّذِي لَا يُعْطي من مَاله شَيْئا، وَلست أَيْضا بمتوسط الْجُود؛ لِأَن الْمُتَوَسّط هُوَ الَّذِي يُعْطي بعض مَاله، وَيمْنَع بعضه، وَلَكِنَّك فِي غَايَة الْجُود؛ لِأَنَّك تُرِيدُ أَن تُعْطِي مَالك كُله. يَعْنِي: أَنه يَدعه كُله لوَارِثه. قَالَ صعصعة: أكلت عِنْد مُعَاوِيَة لقْمَة؛ فَقَامَ بهَا خَطِيبًا. قيل لَهُ: وَكَيف ذَاك؟ . قَالَ: كنت آكل مَعَه، فَهَيَّأَ لقْمَة ليتناولها، وأغفلها، فأخذتها فَسَمعته بعد ذَلِك يَقُول فِي خطبَته: أَيهَا النَّاس، أجملوا فِي الطّلب فَرب رَافع لقمةٍ إِلَى فِيهِ تنَاولهَا غَيره.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute