للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ أَبُو سهل الرَّازِيّ القَاضِي: دخلت على يحيى بن أَكْثَم يَوْمًا، والمائدة بَين يَدَيْهِ، والغلام وَاقِف؛ فَقَالَ لي: يَا مُحَمَّد، هَذَا غلامي، يَأْتِي عَليّ وقتٌ لَا أَدْرِي مَا اسْمه؛ وَهَذَا حدا سلم الْحَادِي بالمنصور فِي طَرِيقه إِلَى الْحَج؛ فحدا يَوْمًا بقول الشَّاعِر: أغر بَين حاجبيه نوره ... يزينه حياؤه وخيره ومسكه يشوبه كافوره. فطرب الْمَنْصُور حَتَّى ضرب بِرجلِهِ الْمحمل، ثمَّ قَالَ: يَا ربيع؛ أعْطه نصف دِرْهَم؛ فَقَالَ سلم: نصف درهمٍ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ؟ وَالله لقد حدوت لهشامٍ فَأمر لي بِثَلَاثِينَ ألف دِرْهَم؛ فَقَالَ لَهُ الْمَنْصُور: مَا كَانَ لَهُ أَن يعطيك ثَلَاثِينَ ألف درهمٍ من بَيت مَال الْمُسلمين. يَا ربيع، وكل بِهِ من يسْتَخْرج مِنْهُ هَذَا المَال. قَالَ الرّبيع: فَمَا زلت أَسْفر بَينهمَا حَتَّى شَرط عَلَيْهِ أَلا يلْزمه مئونةً فِي خُرُوجه وقفوله، ويحدو لَهُ. تزوج عَمْرو بن حُرَيْث ابْنة أَسمَاء بن خَارِجَة؛ فَقَالَت لَهُ يَوْمًا: مَا أحسبك وَأبي تقرآن من كتاب الله إِلَّا حرفين. قَالَ: وَمَا هما؟ . قَالَت: كَانَ أبي يقْرَأ: " وَمَا أنفقتم من شيءٍ فَهُوَ يخلفه وَهُوَ خير الرازقين " وَأَنت تقْرَأ: " إِن المبذرين كَانُوا إخْوَان الشَّيَاطِين ". قَالَ أَبُو العيناء: دَعَاني جارٌ إِلَى وليمةٍ، وَكَانَ بَخِيلًا، فرأيته يَدُور على الْمَائِدَة ويتنفس الصعداء، وَيَقُول: " وجزاهم بِمَا صَبَرُوا جنَّة وَحَرِيرًا ". قَالَ مُحَمَّد بن أبي الْمعَافى: كَانَ أبي متنحياً عَن الْمَدِينَة، وَكَانَت إِلَى جنبه مزرعةٌ فِيهَا قثاء، وَكنت صَبيا قد ترعرعت؛ فَجَاءَنِي من جيراننا أقرانٌ لي، وَكلمت أبي ليهب لي درهما أَشْتَرِي لَهُم بِهِ قثاء، فَقَالَ لي: أتعرف حَال الدِّرْهَم؟ كَانَ فِي حجرٍ فِي جبلٍ، فَضرب بالمعاول حَتَّى استخرج، ثمَّ طحن، ثمَّ أَدخل الْقُدُور، وصب عَلَيْهِ المَاء، وَجمع بالزئبق، ثمَّ أَدخل النَّار فسبك، ثمَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>