للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَتَّى انهزم الْجمع وولوا الدبر، حَتَّى تفرى اللَّيْل عَن صبحه، وأسفر الْحق عَن محضه، ونطق زعيم الدّين، وخرست شقاشق الشَّيْطَان، وتمت كلمة الْإِخْلَاص، " وكنتم على شفا حُفْرَة من النَّار "، ثهزة الطامع، ومذقة الشَّارِب، وقبسة العجلان، وموطئ الْأَقْدَام، تشربون الطّرق، وتقتاتون الْقد، أَذِلَّة خَاسِئِينَ، يخطفكم النَّاس من حَوْلكُمْ، حَتَّى أنقذكم الله بِرَسُولِهِ صلى الله عَلَيْهِ بعد اللتيا واللتي، وَبعد أَن مني ببهم الرِّجَال وذؤبان الْعَرَب، ومردة أهل الْكتاب " كلما أوقدوا نَارا للحرب أطفأها الله ". أَو نجم قرن للشَّيْطَان، أَو فغرت فاغرة للْمُشْرِكين، قذف أَخَاهُ فِي لهواتها، فَلَا ينكفئ حَتَّى يطَأ صماخها بأخمصه، ويطفئ عَادِية لهبها بِسَيْفِهِ - ويخمد لهيبها بحده مكدوداً فِي ذَات الله. وَأَنْتُم فِي رفاهة فكهون آمنون وادعون. حَتَّى إِذا اخْتَار الله لنَبيه صلى الله عَلَيْهِ دَار أنبيائه ظَهرت حسكة النِّفَاق، وسمل جِلْبَاب الدّين، ونطق كاظم الغاوين، ونبغ خامل الأقلين، وهدر فنيق المبطلين، فخطر فِي عرصاتكم، وأطلع الشَّيْطَان رَأسه صَارِخًا بكم، فدعاكم فألقاكم لدعوته مستجيبين، وللغرة ملاحظين؛ ثمَّ استنهضكم فوجدكم خفافاً وأحمشكم فألفاكم غضاباً؛ فوسمتم غير إبلكم، وأوردتم غير شربكم، هَذَا والعهد قريب والكلم رحيب، وَالْجرْح لما يندمل. أبماذا زعمتم: خوف الْفِتْنَة؟ " أَلا فِي الْفِتْنَة سقطوا وَإِن جَهَنَّم لمحيطة بالكافرين "، فهيهات فِيكُم، وأنى بكم، وأنى تؤفكون، وَكتاب الله بَين أظْهركُم، زواجره بَيِّنَة، وشواهده لائحة، وأوامره وَاضِحَة، أرغبة عَنهُ تُرِيدُونَ؟ أم بِغَيْرِهِ تحكمون؟ " بئس للظالمين بَدَلا " " وَمن يبتغ غير الْإِسْلَام دينا فَلَنْ يقبل مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَة من الخاسرين " ثمَّ لم تلبثوا إِلَّا ريث أَن تسكن نفرتها تشربون حسوا فِي ارتغاء، ونصير مِنْكُم على مثل حز المدى وَأَنْتُم الْآن تَزْعُمُونَ لَا إِرْث لنا " أَفَحكم الْجَاهِلِيَّة يَبْغُونَ وَمن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون " إيها معشر الْمسلمَة المهاجرة؛ أأبتز إِرْث أَبِيه؟ أَبى الله فِي الْكتاب يَا بن قُحَافَة، أَن تَرث أَبَاك وَلَا أرث أَبِيه. لقد جِئْت شَيْئا فرياً، فدونكها مخطومة مرحولة، تلقاك يَوْم حشرك، فَنعم الحكم لله، والزعيم مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ، والموعد

<<  <  ج: ص:  >  >>