فصب فِي إِحْدَاهمَا مَاء، وأتى بعغض الخمارين فَقَالَ: كل بِدِرْهَمَيْنِ. فكال فِي زكرته فَأعْطَاهُ الدرهمين فردهما، وَقَالَ: هما زائفان. فَقَالَ: ارتجع مَا أَعْطَيْتنِي فكاله وَأَخذه، وَبقيت فِي الزكرة بَقِيَّة فصبها فِي الفارغة، ثمَّ فعل ذَلِك بِكُل خمار حَتَّى ملا زكرته وَرجع وَمَعَهُ درهماه. قَالَ الْأَصْمَعِي: حمل يزِيد بن مره شَيْئا على رَأس حمال فعاسره فِي الْكِرَاء فَقَالَ لَهُ: أثبت أَن الَّذِي على رَأْسِي لَك. فأرضاه. وقف أَحْمد بن أبي خَالِد بَين يَدي الْمَأْمُون وَخرج يحيى بن أَكْثَم وَجلسَ على طرفه فَقَالَ أَحْمد: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ؛ إِن يحيى صديقي وَأخي، وَمن أَثِق بِهِ فِي أَمْرِي كُله ويثق بِي، وَقد تغير عَمَّا كنت أعهده عَلَيْهِ، فَإِن رَأَيْت أَن تَأمره بِالْعودِ إِلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ. فَإِنِّي لَهُ على مثله. فَقَالَ الْمَأْمُون: ٣٨٩ يَا يحيى؛ إِن فَسَاد أَمر الْمُلُوك بِفساد الْحَال بَين خاصتهم. وَمَا يعد لَكمَا عِنْدِي أحد. فَمَا هَذَا النزاع بَيْنكُمَا؟ فَقَالَ لَهُ يحيى: وَالله يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إِنَّه ليعلم أَنِّي لَهُ على أَكثر مِمَّا وصف، وَأَنِّي أَثِق بِمثل ذَلِك مِنْهُ. وَلكنه رأى منزلتي هَذِه مِنْك فخاف أَن أتغير لَهُ يَوْمًا، فأقدح فِيهِ عنْدك، فَتقبل قولي فِيهِ فَأحب أَن يَقُول هَذَا لتأمرني بِأَمْر لَو بلغ نِهَايَة مساءتي مَا قدرت أَن أذكرهُ بِسوء عنْدك. فَقَالَ الْمَأْمُون: أكذاك هُوَ يَا أَحْمد؟ قَالَ: نعم. قَالَ: أستعين الله عَلَيْكُمَا. مَا رَأَيْت أتم دهاء وَلَا أقرب فطنة مِنْكُمَا. اسْتَأْذن أَخُو صَفِيَّة بنت حييّ بن أَخطب على سُلَيْمَان بن عبد الْملك وَهُوَ خَليفَة فَقَالَ للآذن: خَال أَمِير الْمُؤمنِينَ. فَدخل فَقَالَ: بِالْبَابِ رجل يَدعِي أَنه خَال أَمِير الْمُؤمنِينَ. فَقَالَ: أدخلهُ. فَلَمَّا رَآهُ عرفه فَقَالَ: أَنْت لعمري خَالِي. أَي إِنِّي مُؤمن. أرسل فَتى من الْعَرَب إِلَى ابْنة عَم لَهُ وَلم يكن لَهُ مَال، ومانت كَثِيرَة المَال وخطبها نَاس كثير، فَقَالَ: يابنة عَم؛ هَل لَك فِي فَتى كاسٍ من الْحسب، عَار من النشب، يتقلقل فِي دَارك، وَيقبض غلَّة غلمانك، ويقلبك عَن يَمِينك لشمالك، وَيدخل الْحمام فِي كل يَوْم مرَّتَيْنِ؟ فتزوجته. دخل سلم بن زِيَاد على الْحجَّاج فِي أَمْوَال قبضهَا عَنهُ فَقَالَ لَهُ: من أَنْت؟
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute