للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ: سلم. قَالَ: ابْن من؟ قَالَ: ابْن زِيَاد. قَالَ: ابْن من؟ قَالَ: ابْن من شَاءَ الْأَمِير. فَرد عَلَيْهِ أرضه. أَتَى وَكِيع بن أبي سود إِيَاس بن مُعَاوِيَة وَهُوَ قَاض ليشهد عِنْده بِشَهَادَة، فَقَالَ: مرْحَبًا بك يَا أَبَا مطرف، مَا جَاءَ بك؟ قَالَ: جِئْت لأشهد قَالَ: مَالك وللشهادة. إِنَّمَا يشْهد الموَالِي والتجار والسقاط. قَالَ: صدقت وَانْصَرف. فَقيل لَهُ: خدعك وَلم يقبل شهادتك فردك. فَقَالَ: لَو علمت لعلوته بالقضيب. كَانَ أَبُو بردة ولي الْقَضَاء بعد الشّعبِيّ بِالْكُوفَةِ، فَكَانَ يحكم بِأَن رجلا لَو قَالَ لملوك لَا يملكهُ: أَنْت حر. أَنه يعْتق وَيُؤْخَذ الْمُعْتق بِثمنِهِ. قَالَ: فعشق رجل من بني عبس جَارِيَة لِجَار لَهُ فجن بهَا وجنت بِهِ، فَكَانَ يشكو ذَاك فلقيها يَوْم فَقَالَ لَهَا: إِلَى الله أَشْكُو قَالَت: بلَى وَالله إِن لَك حِيلَة، وَلَكِنَّك عَاجز. هَذَا أَبُو بردة يقْضِي فِي الْعتْق بِمَا قد علمت فَقَالَ لَهَا: أشهد إِنَّك لصادقة. ثمَّ قدمهَا إِلَى مجْلِس يتجمع فِيهِ قوم يعدلُونَ فَقَالَ: هَذِه جَارِيَة آل فلَان أشهدكم إِنَّهَا حرَّة فَأَلْقَت ملحفتها على رَأسهَا. وَبلغ ذَلِك مواليها فَجَاءُوا فقدمتهم إِلَى أبي برده وَقدمُوا الرجل فأنفذ عتقهَا، وألزم الرجل ثمنهَا، فَلَمَّا أَمر بِهِ إِلَى السجْن خَافَ إِذا ملكت أمرهَا أَن تصير إِلَى أول من يطْلبهَا، وَأَن تخيب فِيمَا صنع فِي أمرهَا. فَقَالَ: أصلح الله القَاضِي، لَا بُد من حبسي قَالَ: نعم أَو تعطيهم ثمنهَا. قَالَ: فَلَيْسَ مثلي يحبس فِي شَيْء يسير. أشهدكم أَنِّي قد أعتقت كل مَمْلُوك لأبي بردة، وكل مَمْلُوك لآل أبي مُوسَى، وكل مَمْلُوك لمذحج. فخلى سَبيله، وَرجع عَن ذَلِك الْقَضَاء فَلم يحكم بِهِ. لما خرج الْأَحْنَف مَعَ مُصعب أرسل إِلَيْهِ بِمِائَة ألف دِرْهَم وَلم يُرْسل إِلَى زبراء جَارِيَته بِشَيْء، فَجَاءَت حَتَّى قعدت بَين يَدي الْأَحْنَف ثمَّ أرْسلت عينيها. فَقَالَ لَهَا: مَا يبكيك؟ قَالَت: مَالِي ٣٩٠ لَا أبْكِي عَلَيْك، إِذْ لم تبك على نَفسك. أبعد نهاوند ومرو الروذ صرت إِلَى أَن تجمع بَين غارين من الْمُسلمين؟ فَقَالَ: نصحتني وَالله فِي ديني، إِذْ لم أنتبه لذَلِك. ثمَّ أَمر بفساطيطه فقوضت.

<<  <  ج: ص:  >  >>