قَالَ: فَبلغ ذَلِك مصعباً، فَقَالَ: من دهاني فِي الْأَحْنَف؟ فَقيل: زبراء. فَبعث إِلَيْهَا بِثَلَاثِينَ ألف دِرْهَم. فَجَاءَت حَتَّى أرخت عينيهل بَين يَدَيْهِ فَقَالَ: مَا لَك يَا زبراء؟ قَالَت: جِئْت بإخوانك من أهل الْبَصْرَة تزفهم كَمَا تزف الْعَرُوس، حَتَّى إِذا صيرتهم فِي نحور أعدائهم أردْت أَن تفت فِي أعضادهم. قَالَ: صدقت وَالله. يَا غُلَام؛ دعها. قَالَ: فاضطرب الْعَسْكَر بمجيء زبراء مرَّتَيْنِ فَذَهَبت مثلا. بلغ قُتَيْبَة بن مُسلم أَن سُلَيْمَان بن عبد الْملك يُرِيد عَزله وَاسْتِعْمَال يزِيد ابْن الْمُهلب فَكتب إِلَيْهِ ثَلَاث صَحَائِف وَقَالَ للرسول: إِن دفع كتابي الأول إِلَى يزِيد بن الْمُهلب فادفع إِلَيْهِ الثَّانِي، فَإِن شَتَمَنِي عِنْد الثَّانِي فادفع إِلَيْهِ الثَّالِث، فَدفع إِلَيْهِ الْكتاب الأول، فَإِذا فِيهِ: إِن بلائي فِي طَاعَة أَبِيك وأخيك كَذَا، وَأَنت تقْرَأ كتبي يزِيد. قَالَ: فَرمى بِالْكتاب إِلَى يزِيد، فَأعْطَاهُ الثَّانِي فَإِذا فِيهِ: كَيفَ تأمن يزِيد على أسرارك وَكَانَ أَبوهُ لَا يأمنه على أُمَّهَات أَوْلَاده. قَالَ: فشتمه، فَدفع إِلَيْهِ الثَّالِث فَإِذا فِيهِ: من قُتَيْبَة بن مُسلم إِلَى سُلَيْمَان بن عبد الْملك سَلام على من اتبع الْهدى. أما بعد فلأوثقن لَك أخية لَا يَنْزِعهَا الْمهْر الأرن. قَالَ: فَقَالَ سُلَيْمَان: مَا أرانا إِلَّا قد عجلنا على قُتَيْبَة. يَا غُلَام؛ جدد لَهُ عَهده على خُرَاسَان خطب سلمَان إِلَى عمر بن الْخطاب ابْنَته فَلم يستجز رده، فأنعم لَهُ وشق ذَلِك عَلَيْهِ وعَلى ابْنه عبد الله بن عمر. فَشكى عبد الله ذَلِك إِلَى عَمْرو بن الْعَاصِ فَقَالَ لَهُ: أفتحب أَن أصرف سلمَان عَنْكُم؟ فَقَالَ لَهُ: هُوَ سلمَان، وحاله فِي الْمُسلمين حَاله. قَالَ: أحتال لَهُ حَتَّى يكون هُوَ التارك لهَذَا الْأَمر، والكاره لَهُ. قَالَ: وَدِدْنَا ذَلِك. فَمر عَمْرو بسلمان فِي طَرِيق فَضرب بِيَدِهِ على مَنْكِبه وَقَالَ لَهُ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute