والبهائم الْعِظَام، وَالسَّوْط للحدود وَالتَّعْزِير، والدرة للأدب، وَالسيف لقِتَال الْعَدو والقود. قَالُوا: عمل السُّلْطَان حَدِيث فَكُن حَدِيثا حسنا. إِذا ضيعت الْمُلُوك سنَن أديانها أَنَّهَا تهدم أساس ملكهَا. لَا يَنْبَغِي للْملك أَن يكون سَفِيها وَمِنْه يلْتَمس الْحلم، وَلَا جائراً وَمِنْه يلْتَمس الْعدْل. إِذا لم يثب الْملك على النَّصِيحَة غشته الرّعية. وَفد على مُعَاوِيَة عبيد بن كَعْب النميري فَسَأَلَهُ عَن زِيَاد وسياسته فَقَالَ: يسْتَعْمل على الْجد وَالْأَمَانَة دون الْهوى، ويعاقب فَلَا يعدو بالذنب قدره ويسمر ليستجم بِحَدِيث اللَّيْل تَدْبِير النَّهَار قَالَ: أحسن. إِن التثقيل على الْقلب مضرَّة بِالرَّأْيِ. فَكيف رَأْيه فِي حُقُوق النَّاس فِيمَا عَلَيْهِ وَله؟ قَالَ: يَأْخُذ مَاله عفوا وَيُعْطِي مَا عَلَيْهِ عفوا. قَالَ: فَكيف عطاياه؟ قَالَ: يُعْطي حَتَّى يُقَال جواد، وَيمْنَع حَتَّى يُقَال بخيل. قَالُوا: التذلل للملوك دَاعِيَة الْعِزّ والتعزز عَلَيْهِم ذل الْأَبَد. كَثْرَة أعوان السوء مضرَّة للأعمال. الدَّالَّة على الْمُلُوك تعرض للسقوط. خير الْمُلُوك من ملك جَهله بحلمه، وخرقه برفقه، وعجلته باناته، وعقوبته ٤٣٩ بعفوه، وعاجله بمراقبة آجله، وَأمن رَعيته بعدله، وسد ثغورهم بهيبته، وجبر فاقتهم بجوده. يعلم وَكَأَنَّهُ لَا يعلم، ويحسم الدَّاء من حَيْثُ استبهم. بغض الْمُلُوك كي لَا يبرأ، وحسدهم عر يتفشى. السُّلْطَان فِي تنقله وتنقل النَّاس مَعَه كالظل الَّذِي تأوي إِلَيْهِ السابلة. شدَّة الانقباض من السُّلْطَان تورث التُّهْمَة، وسهولة الانبساط تورث الملالة.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute