للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقيل لرجل: لَيْت طول حلمنا عَنْك لَا يدعُو جهل غَيرنَا إِلَيْك. وَقَالَ: أكْرمُوا سفهاءَكم فَإِنَّهُم يكفونكُم الْعَار وَالنَّار. وَقَالَ: وَإِيَّاكُم والكسل والضجر، فَإنَّك إِن كسلت لم تؤردِّ حَقًا، وَإِن ضَجِرت لم تصبر على حقِّ. وذكرَ رجلا فَقَالَ: لَا يحقر ضَعِيفا، وَلَا يحْسد شريفاً. وَقَالَ: الشرفُ مَن عُدَّت سقطاتُه. وَقيل لَهُ: مَا اللؤُّم؟ قَالَ: الاستعصاءُ على الملهوف. قيل: فَمَا الْجُود؟ قَالَ: الاحتيالُ للمعروف. وَسمع رجلا يَقُول: مَا بتُّ البارحةً من وجع ضرس. وَجعل يُكثر، فَقَالَ لَهُ الْأَحْنَف: كم تكْثر {} فو الله لقد ذهبت عَيْني مُنْذُ ثَلَاثِينَ سنة، فَمَا قلتُ لأحد. وَقيل لَهُ: مَا الْحلم؟ قَالَ: الذُّل. وَقَالَ: لستُ بحليم وَلَكِنِّي أتحالم. وَقَالَ يومَ قُتل مُصعب: انْظُرُوا إِلَى المصعب، على أَي دَابَّة يخرج؟ فَإِن خرج على برْذَوْن فَهُوَ يُرِيد الْمَوْت، وَإِن خرج على فرس فَهُوَ يُرِيد الْهَرَب. قَالَ: فَخرج على برذونٍ يجر بَطْنه. وَقَالَ الْأَحْنَف: استميلُوا النِّساء بِحسن الْأَخْلَاق وفُحْشِ النكّاح. وَقَالَ: وجدتُ الحلمَ أنْصر لي من الرِّجال. جلس معاويةُ يَوْمًا - وَعِنْده وجُوه النَّاس، وَفِيهِمْ الأحنفُ، إِذا دخل رجلٌ من أهل الشَّام، فَقَامَ خَطِيبًا، وَكَانَ آخر كَلَامه: أَن لعَن عليا عَلَيْهِ السَّلَام. فَأَطْرَقَ النَّاس، وَتكلم الأحنفْ فَقَالَ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، إِن هَذَا الْقَائِل آنِفا مَا قَالَ، لَو علم أَن رضاك فِي لعن الْمُرْسلين للعنهم، فَاتق الله، ودع عليا، فقد لَقِي الله، وافرد فِي حفرته، وخلا بِعَمَلِهِ. وَكَانَ - وَالله - مَا علمنَا المبرِّز بِسَيْفِهِ، الطَّاهِر فِي خُلُقه، الميمون النقيبة، الْعَظِيم الْمُصِيبَة.

<<  <  ج: ص:  >  >>