وَإِن كَانَ دوني أكرمتُ نَفسِي عَنهُ، وَإِن كَانَ مثلي تفضلتُ عَلَيْهِ. وَقَامَ بصفِّين، فَاشْتَدَّ، فَقيل لَهُ: أَيْن الْحلم يَا أَبَا بَحر؟ . قَالَ: ذَاك عِنْد عُقْر الْحَيّ. وَقَالَ: لم تزل العربُ تستخفُّ بأبناءِ الإمَاءِ حَتَّى لحق هَؤُلَاءِ الثلاثةُ: عليُّ بن الْحُسَيْن، وَالقَاسِم بن مُحَمَّد، وَسَالم بن عبد الله. فاستقل بَنو الْإِمَاء ولحقُوا. وَقَالَ: لَا تشَاور الجائع حَتَّى يشْبع، وَلَا العطشان حَتَّى يَرْوى، وَلَا الأسيرَ حَتَّى يُطلق، وَلَا المضلَّ حَتَّى يجد، وَلَا الرَّاغِب حَتَّى ينجح. وأتى مصعبَ بنَ الزبير يكلِّمه فِي قوم حَبسهم، فَقَالَ: أصلح الله الْأَمِير، إِن كَانُوا حُبُسوا فِي بَاطِل فالحقُّ يُخرِجُهم، وَإِن كانُوا حُبسوا فِي حقٍّ فالعفو يسعُهم. فخلاهُم. وَقَالَ: السُّودَد، مَعَ السوَاد. يُرِيد أَن السَّيِّد مَن أتتهُ السِّيادةُ فِي حداثته وسَواد رَأسه ولحيته. وَجلسَ على بَاب زِيَاد، فمرت بِهِ ساقيةٌ، فَوضعت قربتها، وَقَالَت: يَا شيخُ. احفظ قربتي حَتَّى أعودَ، وَمَضَت، وأتاهُ الأذنُ فَقَالَ: انهض. قَالَ: لَا، فَإِن معي وَدِيعَة. وأقامَ حَتَّى جاءَت. وَشَتمه يَوْمًا رجلٌ وألح عَلَيْهِ فَقَالَ لهُ: يَا بن أُمِّي. هَل لَك فِي الْغَدَاء؟ فَإنَّك منذُ الْيَوْم تَحْدْو بجَمل ثَفال. وَقَالَ: كُنا نختلفُ إِلَى قيس بن عَاصِم فِي الْحلم، كمَا يُختلفُ إِلَى الفُقهاءِ فِي الْفِقْه. وَشَتمه رجلٌ، فسَكت عنهُ، فأعادَ، فَسكت، فَقَالَ الرجلُ: والهفاهُ وَمَا يمنعهُ أَن يرد عليَّ إِلَّا هَوانِي عَليه. وَقَالَ الأحنفُ: مَن لم يصبر على كملة سمع كَلِمَات، ورُبَّ غيظ قد تجرعتُه مخافةَ مَا هُواَ أشدُّ مِنْهُ. وَكَانَ إِذا أتاهُ إنسانٌ أوسع لهُ، فَإِن لم يجد موضعا تحرّك ليريه أَنه يَوسعُ لَهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute