للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لمروان: إِنِّي قد كتبتُ كتابا إِن نجع فَذَاك وَإِلَّا فالهلاكُ. وَكَانَ من كبر حجمه يُحمل على جمل، وَكَانَ نفث فِيهِ خَراشِي صَدره، وضمَّنه غرائب عجَره وبُجَره. وَقَالَ: إِنِّي ضامنٌ أنّه مَتى قَرَأَ الرسولُ - على المُستكفين قولَ أبي مُسلم، ذَلِك بمشهد مِنْهُ - أَنهم يَخْتَلِفُونَ وَإِذا اخْتلفُوا كَلَّ حَدُّهم، وَذَلِكَ جدُّهم. فَلَمَّا ورد الْكتاب على أبي مُسلم دَعَا بِنَار فطرحه فِيهَا إلاًّ قَدْرَ ذِراع فَإِنَّهُ كتب عَلَيْهِ: محا السيفُ أسطار البلاغة وانتحى ... عَلَيْك لُيوث الغاب من كل جَانب فَإِن تُقْدِمُوا نُعمل سُيوفاً شحيذة ... يهون عَلَيْهَا العتبَ من كلِّ عَاتب. ورَدَّه. فَحِينَئِذٍ وَقع اليأْسُ من مُعالجته. وَلما بلغهُ خبرُ وَفَاة السفاح فِي طَرِيق مَكَّة عَائِدًا. وَكَانَ قد تقدم المنصورُ كتب إِلَيْهِ: لأبي جَعْفَر من أبي مُسلم. أما بعد: فَإِن أَبَا الْعَبَّاس قد هلك، وَإِن تحتج إلىّ تجدْني بحيثُ تُحب. فَلَمَّا وبَّخهُ أبْو جَعْفَر عِنْد قَتله قَالَ وتُكاتُبني - وَأَنا الخليفةُ - لأبي جَعْفَر من أبي مُسلم. وَشَجر بَين أبي مُسلم وَصَاحب مَرْو كلامٌ أربى فِيهِ صَاحب مرو عَلَيْهِ. فاحتمله أَبُو مُسلم. فندم صَاحب مرو، ووجع إِلَى أبي مُسلم معتذراً. فَقَالَ لَهُ أَبُو مُسلم: مَه؟ ؟ لسانٌ سبق، وهمٌ أَخطَأ، والغشب شيطانٌ وَأَنا جَرًّأتك عَليّ باحتمالك، فَإِن كنت للذنب مُعْتَمدًا فقد شاركتك فِيهِ وَإِن كنتَ مَغْلُوبًا، بِالْعَفو يسعُك.

<<  <  ج: ص:  >  >>