وبالكنوز، على مواعدك، وبالملك على مَا ينالُه من الذلِّ ببَابك. كتب سهلُ بن هَارُون إِلَى ذِي الرياستين: إِلَى اللازمنة فرجا. فَكُن من وُلاة فرجهَا، ولأيامَها دُولا، فخُذ بحظك من دوَلْتك مِنْهَا، ولدُولها أمْراً فتزود قبل أَوَان تصرُّمها، فَإِن تعاظمَك مَا أنبأْتُك عنهُ فَانْظُر فِي جَوَانبها تأْخذك الموعظةُ من جَمِيع نَوَاحِيهَا، وَاعْتبر بذلك الِاعْتِبَار على أَنَّك مسلمٌ مَا سلم إليكَ مِنْهَا. قَالَ: فَكتب عهدهُ على فَارس. كتب بَعضهم إِلَى الْفضل بن سهل: يَا حافظَ من يُضيعُ نَفسه عِنْده، وَيَا ذَاكر مَن ينسى نصِيبه منْه، لَيْسَ كتابي إِذا كتبتُ استبطاء، وَلَا إمساكي إِذا أمسكتُ اسْتغْنَاء، لَكِن كتابي تذكرةٌ لَك وإمساكي عَنْك ثقةٌ بك. وصف الحسنُ بنُ سهلٍ المحن فَقَالَ: مَعهَا تمحيصٌ من الذِّئْب وتنبيهٌ من الغفْلة، وتعريضٌ للصَّوَاب بِالصبرِ، وتذكيرٌ بالنِّعْمة، واستدعاءُ للتوبْة، وَفِي قدر الله عز وجَل وقضائه. كتب أَبُو عَليّ بُرْد الْخِيَار بن مُقْلة إِلَى أبي الْحسن بن الْفُرَات اقتصَرت - أَطَالَ الله بَقَاء الْوَزير - عَن الاستعطاف والشكوى، وَحَتَّى تناهت المحنةُ والبلوى فِي النَّفس وَالْمَال، وَالْجِنْس، وَالْحَال إِلَى مَا فِيهِ شفاءُ للمنتقم، وتقويم للمجترم، وَحَتَّى أفضيتُ إِلَى الحيْرة والتبلُّد وعيالي إِلَى الهلكة والتلدُّد: وَمَا أقولُ إِن حَالا أَتَاهَا الوزيرُ - أيده اللهُ - فِي أَمْرِي إِلَّا بِحَق وَاجِب، وَظن صَادِق غير كَاذِب، وَإِلَّا أَن القُدرة تُذْهبُ الحفيظة، وَالِاعْتِرَاف يزُيلُ الاقتراف. ورَبُّ الْمَعْرُوف يؤثرهُ أهلُ الفضْل وَالدّين، والإحسانُ إِلَى الْمُسِيء من أفْعال المتّقين، وعَلى كلِّ حَالَة فلي ذمامٌ وحُرمةٌ وتأْميلٌ، وخدمةً إِن كانتْ الإساءةُ تُضيعُها، فرعايةُ الْوَزير - أيدهُ اللهُ - تحفظُها. كتب بَعضهم إِلَى آخر: أما بعدُ: فقد كُنْتَ لنا كلُّك فَاجْعَلْ لنا بعضك وَلَا ترض إِلَّا بالكُلِّ منَّا لَك.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute