للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

{ويكفوا أَيْديهم فخذوهم واقتلوهم حَيْثُ ثقفتموهم وأولائكم جعلنَا لكم عَلَيْهِم سُلْطَانا مُبينًا (٩١) وَمَا كَانَ لمُؤْمِن أَن يقتل مُؤمنا إِلَّا خطأ وَمن قتل مُؤمنا خطأ فَتَحْرِير رَقَبَة مُؤمنَة ودية} للْقَتْل يَوْم فتح مَكَّة؛ فَقتل وَهُوَ مُتَعَلق بِأَسْتَارِ الْكَعْبَة فَقَوله: {وَمن يقتل مُؤمنا مُتَعَمدا} فالقتل الْمُتَعَمد عِنْد أَكثر الْعلمَاء: هُوَ الَّذِي يحصل بِكُل مَا يقْصد بِهِ الْقَتْل، وَقَالَ سعيد بن الْمسيب، وَطَاوُس: الْقَتْل الْعمد لَا يكون إِلَّا بالحديد {فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّم خَالِدا فِيهَا وَغَضب الله عَلَيْهِ ولعنه} أَي: طرده عَن الرَّحْمَة {وَأعد لَهُ عذَابا عَظِيما} وَقَالَ ابْن عَبَّاس: الْآيَة مَدَنِيَّة لم ينسخها شئ؛ فَكَانَ يَقُول: لَيْسَ لقَاتل الْمُؤمن تَوْبَة، وَسُئِلَ عَن تَوْبَته؛ فَقَالَ: أَنى تكون لَهُ التَّوْبَة، فَقيل لَهُ: أَلَيْسَ قد قَالَ الله تَعَالَى: {وَلَا يقتلُون النَّفس الَّتِي حرم الله إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يزنون وَمن يفعل ذَلِك يلق أثاما يُضَاعف لَهُ الْعَذَاب يَوْم الْقِيَامَة ويخلد فِيهِ مهانا إِلَّا من تَابَ} فَقَالَ ابْن عَبَّاس: تِلْكَ آيَة مَكِّيَّة، وَهَذِه آيَة مَدَنِيَّة لم تنسخ بِشَيْء حَتَّى قبض رَسُول الله.

وَقَالَ زيد بن ثَابت: الشَّدِيدَة بعد الهينة بِسِتَّة أشهر، يَعْنِي بالهينة آيَة الْفرْقَان، وبالشديدة هَذِه الْآيَة.

وروى حميد، عَن أنس، عَن النَّبِي أَنه قَالَ: " أَبى الله تَعَالَى أَن يكون لقَاتل الْمُؤمن تَوْبَة " وَفِي الْخَبَر عَن النَّبِي: " لقتل الْمُؤمن أعظم عِنْد الله من زَوَال الدُّنْيَا ".

وَالأَصَح، وَالَّذِي عَلَيْهِ الْأَكْثَرُونَ وَهُوَ مَذْهَب أهل السّنة: أَن لقَاتل الْمُؤمن عمدا تَوْبَة، وَالدَّلِيل عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى: {وَإِنِّي لغفار لمن تَابَ وآمن} وَقَوله: {وَيغْفر مَا دون ذَلِك لمن يَشَاء} وَلِأَن الْقَتْل الْعمد لَيْسَ بأشد من الْكفْر، وَمن

<<  <  ج: ص:  >  >>