للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قَوْله تَعَالَى: {قل من يرزقكم من السَّمَوَات وَالْأَرْض} فالرزق من السَّمَوَات هُوَ الْمَطَر، وَمن الأَرْض هُوَ النَّبَات.

وَقَوله: {قل الله} يَعْنِي: إِن لم يَقُولُوا: إِن رازقنا هُوَ الله تَعَالَى، فَقل أَنْت إِن رازقكم هُوَ الله تَعَالَى.

وَقَوله: {وَإِنَّا أَو إيَّاكُمْ لعلى هدى أَو فِي ضلال مُبين} فَإِن قيل: " أَو " فِي كَلَام الْعَرَب للشَّكّ، فَكيف تستقيم كلمة أَو فِي هَذَا الْموضع؟ وَلَا يجوز لأحد أَن يشك أَنه على الْهدى أَو على الضلال، وَالْجَوَاب عَنهُ من وُجُوه: أَحدهَا: مَا ذكره الْفراء وَهُوَ: أَو هَا هُنَا بِمَعْنى الْوَاو، وَالْألف صلَة، فَكَأَنَّهُ قَالَ: " وَإِنَّا وَإِيَّاكُم لعلى هدى أَو فِي ضلال مُبين " يَعْنِي: نَحن على الْهدى وَأَنْتُم فِي الضلال. قَالَ أَبُو الْأسود الدؤَلِي شعرًا:

(يَقُول الأرذلون بَنو قُشَيْر ... طوال الدَّهْر لَا تنسى عليا؟)

(أحب مُحَمَّدًا حبا شَدِيدا ... وعباسا وَحَمْزَة والوصيا)

(فَإِن يَك حبهم رشدا أصبه ... وَفِيهِمْ أُسْوَة إِن كَانَ غيا)

فَقيل: مَا شَككت، وَقَرَأَ قَوْله تَعَالَى: {وَإِنَّا أَو إيَّاكُمْ لعلى هذى أَو فِي ضلال مُبين} . وروى معنى هَذَا القَوْل عَن عِكْرِمَة.

وَالْجَوَاب الثَّانِي: أَن قَوْله: {وَإِنَّا أَو إيَّاكُمْ} خرج على شدَّة الاستبصار، وعَلى طَرِيق المناصفة فِي الْكَلَام، كَالرّجلِ يَقُول لغيره: أَحَدنَا كَاذِب، فَهَل من سامع؟ وَهُوَ مُتَيَقن أَن الصَّادِق هُوَ، والكاذب صَاحبه. وَكَذَلِكَ يَقُول الْمولى لعَبْدِهِ عِنْد شدَّة الْغَضَب: تعال نَنْظُر أَيّنَا يضْرب صَاحبه، وَهُوَ يعلم أَنه هُوَ الَّذِي يضْرب غُلَامه.

وَالثَّالِث: مَا رُوِيَ عَن قَتَادَة أَنه فال معنى الْآيَة: مَا نَحن وَأَنْتُم على طَريقَة وَاحِدَة،

<<  <  ج: ص:  >  >>