فَإِن قيل: كَيفَ قَالَ: {أذلك خير نزلا أم شَجَرَة الزقوم} وَلَا خير فِي شَجَرَة الزقوم أصلا؟
الْجَواب عَنهُ قد سبق وَعَن مثل هَذَا، وَالْعرب تَقول: تعال نَنْظُر الصُّلْح خير أم الْحَرْب، والفقر خير أم الْغنى، وَالصِّحَّة خير أم السقم، وَإِنَّمَا يُرِيد تَقْرِير الْأَمر للمخاطب أَنه لَا خير إِلَّا فِي أَحدهمَا.
وَقَوله:{أم شَجَرَة الزقوم} اخْتلفُوا فِي هَذِه الشَّجَرَة، فالأكثرون أَنَّهَا شَجَرَة لَا يعرف لَهَا مثل فِي الدُّنْيَا، وَقَالَ قطرب: هِيَ شَجَرَة مرّة خبيثة تكون بتهامة، وَقَالَ بَعضهم: نبت قَاتل.
وَفِي التَّفْسِير: أَنه لما نزلت هَذِه الْآيَة؛ قَالَ أَبُو جهل: هَل تعرفُون الزقوم؟ فَقَالَ عبد الله بن الزبعري: نعم نعرفه؛ هُوَ بِلِسَان البربر الزبدة وَالتَّمْر وَأورد بَعضهم: أَنه بلغَة الْيمن فَقَالَ أَبُو جهل لجاريته: ابغي لنا زبدا وَتَمْرًا، فَجَاءَت بذلك، فَقَالَ: هُوَ الزقوم الَّذِي خوفكم بِهِ مُحَمَّد، فتزقموا؛ فَأنْزل الله تَعَالَى {إِنَّهَا شَجَرَة تخرج فِي أصل الْجَحِيم} أَي: فِي قَعْر الْجَحِيم.