قَوْله تَعَالَى: {فخلف من بعدهمْ خلف} اعْلَم أَن الْخلف يُقَال فِي الذَّم والمدح جَمِيعًا، لَكِن عِنْد الْإِطْلَاق الْخلف للمدح، وَالْخلف للذم، قَالَ الشَّاعِر:
(لنا لقدم الأولى إِلَيْك وخلفنا ... لأولنا فِي طَاعَة لله تَابع)
وَهَاهُنَا للذم، وَأَرَادَ بِهِ أَبنَاء الَّذين سبق ذكرهم من أَصْحَاب السبت {ورثوا الْكتاب} يَعْنِي: انْتقل إِلَيْهِم الْكتاب {يَأْخُذُونَ عرض هَذَا الْأَدْنَى} أَي: حطام الدُّنْيَا، وَإِنَّمَا سميت الدُّنْيَا دنيا؛ لِأَنَّهَا أدنى إِلَى الْخلق من الْآخِرَة؛ وَلذَلِك قَالَ: ( {عرض هَذَا الْأَدْنَى} وَيَقُولُونَ سيغفر لنا) وَهَذَا اغترار مِنْهُم بِاللَّه - تَعَالَى - وَفِي الحَدِيث: " الْكيس من دَان نَفسه وَعمل لما بعد الْمَوْت، والفاجر من أتبع نَفسه هَواهَا، وَتمنى على الله الْمَغْفِرَة " {وَإِن يَأْتهمْ عرض مثله يأخذوه} قَالَ مُجَاهِد: وَصفهم بالإصرار على الذَّنب، وَقيل مَعْنَاهُ: إِنَّهُم يَأْخُذُونَ أخذا بعد أَخذ لَا يبالون من حَلَال كَانَ أَو من حرَام، بل يَأْخُذُونَ من غير تفتيش.
{ألم يُؤْخَذ عَلَيْهِم مِيثَاق الْكتاب أَلا يَقُولُوا على الله إِلَّا الْحق} أَي: أَخذ عَلَيْهِم الْعَهْد أَلا يَقُولُوا على الله الْبَاطِل فِي التوارة {ودسوا مَا فِيهِ} أَي: علمُوا ذَلِك فِيهِ بالدرس، قَالَه الضَّحَّاك، ودرس الْكتاب: قِرَاءَته مرّة بعد أُخْرَى {وَالدَّار الْآخِرَة خير للَّذين يَتَّقُونَ أَفلا تعقلون} .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute