للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قَوْله تَعَالَى: (أولم يرَوا إِلَى مَا خلق الله من شَيْء يتفيأ ظلاله) يتَحَوَّل ظلاله، وَأما الْفرق بَين الْفَيْء والظل: فَيُقَال: إِن الظل بِالْغَدَاةِ، والفيء بالْعَشي، وَيُقَال: إِن مَعْنَاهُمَا وَاحِد.

وَقَوله: {عَن الْيَمين} أَي: عَن الْأَيْمَان؛ لِأَنَّهُ قد قَالَ عَقِيبه: {وَالشَّمَائِل} والظل دائر من جَوَانِب الْإِنْسَان، فَمرَّة يكون عَن يَمِينه، وَمرَّة يكون عَن شِمَاله، وَمرَّة يكون قدامه، وَمرَّة يكون خَلفه.

وَقَوله: {سجدا لله} أَكثر السّلف أَن السُّجُود هَاهُنَا: هُوَ الطَّاعَة لله، وَأَن كل الْأَشْيَاء سَاجِدَة لله مطيعة من حَيَوَان وجماد، وَهَذَا محكي عَن ابْن عَبَّاس وَمُجاهد وَقَتَادَة وَالْحسن الْبَصْرِيّ، قَالَ الْحسن: يَا ابْن آدم، ظلك يسْجد لله تَعَالَى، وَأَنت لَا تسْجد، فبئس مَا صنعت.

وَذكر أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيّ فِي جَامعه بِرِوَايَة ابْن عمر عَن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا - أَن النَّبِي قَالَ: أَربع بعد الزَّوَال قبل الظّهْر يعدلن مِثْلهنَّ من السحر، وَمَا من شَيْء إِلَّا وَيسْجد لله فِي تِلْكَ السَّاعَة، ثمَّ تَلا قَوْله تَعَالَى: {أولم يرَوا إِلَى مَا خلق الله من شَيْء يتفيأ ظلاله} الْآيَة.

قَالَ الضَّحَّاك: المُرَاد من سُجُود الظلال سُجُود الْأَشْخَاص، وَذكر بَعضهم أَن معنى قَوْله: {سجدا لله} أَي: خاضعة ذليلة خادمة فِيمَا أُرِيد لَهَا بِأَصْل الْخلقَة، والأشياء.

<<  <  ج: ص:  >  >>