قَوْله تَعَالَى: {وَمَا كَانَ لمُؤْمِن أَن يقتل مُؤمنا إِلَّا خطأ} سَبَب نزُول الْآيَة: مَا روى أَن عَيَّاش بن أبي ربيعَة قتل الْحَارِث بن يزِيد، وَكَانَ الْحَارِث يُؤْذِي عياشا فِي الْجَاهِلِيَّة، حَتَّى أسلم عَيَّاش؛ فَنَذر أَن يقْتله مَتى ظفر بِهِ، فظفر بِالْحَارِثِ وَقد أسلم الْحَارِث، وَلم يعلم هُوَ بِإِسْلَامِهِ، فَنزلت الْآيَة: {وَمَا كَانَ لمُؤْمِن أَن يقتل مُؤمنا} وَهَذَا نهى عَن قتل الْمُؤمن على الْإِطْلَاق، وَقَوله: {إِلَّا خطأ} اسْتثِْنَاء مُنْقَطع، وَمَعْنَاهُ: لَكِن إِن وَقع خطأ. وَقَالَ بَعضهم: " إِلَّا " بِمَعْنى " وَلَا " يعْنى: وَلَا خطأ، وَلَا يعرف فِي كَلَام الْعَرَب " إِلَّا " بِمَعْنى " وَلَا "؛ وَلِأَنَّهُ يَقْتَضِي النَّهْي عَن قتل الْخَطَأ، وَالْخَطَأ لَا يدْخل تَحت النَّهْي وَالْأَمر، وَالْأول أصح، ثمَّ ذكر حكم الْقَتْل الْخَطَأ، فَقَالَ: {وَمن قتل مُؤمنا خطأ فَتَحْرِير رَقَبَة مُؤمنَة} أَي: فاعتقوا رَقَبَة مُؤمنَة، ثمَّ اخْتلف الْعلمَاء، فَقَالَ الْحسن، وَالشعْبِيّ، وَالنَّخَعِيّ: أَرَادَ بِهِ: رَقَبَة بَالِغَة وَلَا تُجزئ الرَّقَبَة الصَّغِيرَة، وَإِن كَانَت مُؤمنَة، وَقَالَ عَطاء وَهُوَ الَّذِي أَخذ بِهِ الْفُقَهَاء: إِنَّه تُجزئ الصَّغِيرَة.
{ودية مسلمة إِلَى أَهله} يَعْنِي: سلمُوا الدِّيَة إِلَى أَهله، وَظَاهر الْآيَة يَقْتَضِي أَن تكون الدِّيَة قي قتل الْخَطَأ فِي مَال الْقَاتِل، كالكفارة، لَكِن عرفنَا بِالسنةِ أَن الْكَفَّارَة فِي مَال الْقَاتِل وَالدية على الْعَاقِلَة.
وَقَوله: {إِلَّا أَن يصدقُوا} يَعْنِي: أَن يتصدقوا، وَقَرَأَ أبي بن كَعْب كَذَلِك، وَمعنى التَّصَدُّق: الْعَفو عَن الدِّيَة {فَإِن كَانَ من قوم عَدو لكم وَهُوَ مُؤمن فَتَحْرِير رَقَبَة}
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute