قَوْله: (اهدنا الصِّرَاط الْمُسْتَقيم) يعْنى: أرشدنا، وثبتنا.
وَالْهِدَايَة فِي الْقُرْآن على معَان، فَتكون الْهِدَايَة بِمَعْنى الإلهام، وَتَكون بِمَعْنى الْإِرْشَاد، وَتَكون بِمَعْنى الْبَيَان، وَتَكون بِمَعْنى الدُّعَاء.
أما الإلهام، قَالَ الله تَعَالَى: {رَبنَا الَّذِي أعْطى كل شَيْء خلقه ثمَّ هدى} أَي: ألهم.
وَأما الْإِرْشَاد، قَوْله تَعَالَى: {واهدنا إِلَى سَوَاء الصِّرَاط} .
وَأما الْبَيَان قَوْله: {وَأما ثَمُود فهديناهم} أَي: بَينا لَهُم.
وَأما الدُّعَاء، مثل قَوْله تَعَالَى: {وَلكُل قوم هاد} أَي: دَاع فَهُوَ بِمَعْنى الاسترشاد هَاهُنَا.
فَإِن قَالَ قَائِل: أَي معنى للاسترشاد، وكل مُؤمن مهتد، فَمَا معنى قَوْله {اهدنا} ؟ قُلْنَا: هَذَا سُؤال من يَقُول بتناهي الألطاف من الله تَعَالَى. وَمذهب أهل السّنة أَن الألطاف والهدايات من الله تَعَالَى لَا تتناهى، فَيكون ذَلِك بِمَعْنى طلب مزِيد الْهِدَايَة، وَيكون بِمَعْنى سُؤال للتثبيت، اهدنا بِمَعْنى ثبتنا، كَمَا يُقَال للقائم: " قُم حَتَّى أَعُود إِلَيْك ". أَي: أثبت قَائِما.
وَأما {الصِّرَاط الْمُسْتَقيم} قَالَ عَليّ، وَابْن مَسْعُود: هُوَ الْإِسْلَام. وَقَالَ جَابر: هُوَ الْقُرْآن وَأَصله فِي اللُّغَة: هُوَ الطَّرِيق الْوَاضِح، وَالْإِسْلَام طَرِيق وَاضح، وَالْقُرْآن طَرِيق وَاضح.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute