للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قَوْله تَعَالَى: {يَدْعُو لمن ضره أقرب من نَفعه} هَذِه الْآيَة من مشكلات الْقُرْآن، وفيهَا أسئلة: أَولهَا قَالَ: قَالُوا فِي الْآيَة الأولى: {مَا لَا يضرّهُ} وَقَالَ هَاهُنَا: {لمن ضره} .

(فَكيف وَجه التَّوْفِيق؟ الْجَواب عَنهُ: أَن معنى قَوْله: {يَدْعُو لمن ضره} ) .

أَي: لمن ضرّ عِبَادَته، وَقَوله فِي الْآيَة الأولى: {مَا لَا يضرّهُ} أَي: (لَا يضر) إِن ترك عِبَادَته على مَا بَينا.

السُّؤَال الثَّانِي: قَالُوا: قَالَ فِي هَذِه الْآيَة: {أقرب من نَفعه} وَالْجَوَاب: أَن هَذَا على عَادَة الْعَرَب، وهم يَقُولُونَ مثل هَذَا اللَّفْظ، ويريدون أَنه لَا نفع لَهُ أصلا، وَهَذَا مثل قَوْله تَعَالَى: {ذَلِك رَجَعَ بعيد} أَي: لَا رَجَعَ أصلا.

السُّؤَال الثَّالِث: وَهُوَ الْمُشكل أَنه قَالَ: {لمن ضره} فأيش هَذَا الْكَلَام؟ الْجَواب: أَنه اخْتلف أهل النَّحْو فِي هَذَا، فَأكْثر النَّحْوِيين ذَهَبُوا إِلَى أَن هَذَا على التَّقْدِيم وَالتَّأْخِير وَمَعْنَاهُ: يَدْعُو من بضره أقرب من نَفعه، وَأما الْمبرد أنكر هَذَا وَقَالَ: لَا يجوز هَذَا فِي اللُّغَة، وَالْجَوَاب عَن السُّؤَال على هَذَا: قَالَ بَعضهم: معنى {يَدْعُو} : يَقُول.

قَالَ الشَّاعِر:

(يدعونَ [عنترا] (وَالسُّيُوف) كَأَنَّهَا ... أشطان بِئْر فِي لبان الأدهم)

يَعْنِي: يَقُولُونَ. فعلى هَذَا معنى الْآيَة: يَدْعُو أَي: يَقُول لمن ضره أقرب من نَفعه:

<<  <  ج: ص:  >  >>