قَوْله تَعَالَى: {وَإِذا أردنَا أَن نهلك قَرْيَة} أَي: أهل قَرْيَة، وقرىء {أمرنَا مُتْرَفِيهَا} وَالْمَعْرُوف هَذَا، وقرىء: " آمرنا " - بِالْمدِّ -، " مُتْرَفِيهَا " وهذل محكي عَن عَليّ، وَقُرِئَ " أمرنَا " بِالْقصرِ وَالتَّشْدِيد، وَقُرِئَ: " أمرنَا - بِكَسْر الْمِيم - مُتْرَفِيهَا " وَهَذَا محكي عَن ابْن عَبَّاس.
أما قَوْله: {أمرنَا} فِيهِ قَولَانِ: أَحدهمَا: مَعْنَاهُ أمرناهم بِالطَّاعَةِ ففسقوا وعصوا.
وَهَكَذَا رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس وَجَمَاعَة من التَّابِعين مِنْهُم ابْن جريج وَغَيره.
وَالْقَوْل الثَّانِي: أمرنَا أَي: أكثرنا، يُقَال: أَمر الْقَوْم: إِذا كَثُرُوا، قَالَ الشَّاعِر:
(إِن يغبطوا يهبطوا وَإِن أمروا ... يَوْمًا يصيروا للهلك والنكد)
وَأنكر الْكسَائي أَن يكون أمرنَا بِمَعْنى أكثرنا، وَقَالَ: هُوَ آمرنا بِمَعْنى أكثرنا، وَهَذَا هُوَ اللُّغَة الْغَالِبَة.
وَأما أَبُو عُبَيْدَة فَقَالَ: تَقول الْعَرَب: أمرنَا بِمَعْنى أكثرنا، وَإِنَّمَا احتجنا إِلَى هَذَا التَّأْوِيل؛ لِأَن الله تَعَالَى لَا يَأْمر بِالْمَعَاصِي.
وَهَذَا بِاتِّفَاق الْأمة وَفِي الْآيَة سُؤال مَعْرُوف، وَهُوَ أَنه يُقَال: كَيفَ يَأْمر مُتْرَفِيهَا بِالْفِسْقِ، وَالله تَعَالَى يَقُول: {إِن الله يَأْمر بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَان} ، وَيَقُول: {إِن الله
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute