قَوْله تَعَالَى: {فَلَمَّا أسلما} قَرَأَ ابْن مَسْعُود: " فَلَمَّا سلما ".
وَقَوله: {أسلما} أَي: استسلما، وَمَعْنَاهُ: أَن إِبْرَاهِيم سلم ابْنه للذبح، وَالْولد سلم روحه.
وَقَوله: {وتله للجبين} أَي: صرعه للجبين، والجبهة بَين الجبينين، قَالَ الشَّاعِر:
(شَككت لَهُ بِالرُّمْحِ جَنْبي قَمِيصه ... فَخر تليلا الْيَدَيْنِ للفم)
وَقَالَ آخر:
(فتله للجبينمنعفرا ... مِنْهُ منَاط الوتين منتصب)
وَاخْتلفُوا فِي الْموضع الَّذِي أَرَادَ ذبحه فِيهِ، فَمن قَالَ: إِن الذَّبِيح كَانَ إِسْمَاعِيل قَالَ: كَانَ بمنى، وَمن قَالَ: إِن الذَّبِيح كَانَ إِسْحَاق قَالَ: كَانَ بِالشَّام.
وَفِي التَّفْسِير: أَن إِسْمَاعِيل عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ لإِبْرَاهِيم: اقذفني على جبيني؛ لِئَلَّا ترى وَجْهي فترحمني، وَحَتَّى لَا أرى الشَّفْرَة فأجزع مِنْهَا، وَفِي الْقِصَّة: أَن إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام خرج إِلَى جَانب منى، وَأمر إِسْمَاعِيل أَن يتبعهُ بالشفرة وَالْحَبل، فرفعهما وَاتبعهُ؛ فجَاء إِبْلِيس عَلَيْهِ اللَّعْنَة وَقَالَ لإسماعيل: هَل تَدْرِي مَا يُرِيد بك أَبوك؟ فَقَالَ: لَا، قَالَ: إِنَّه يُرِيد أَن يذبحك؛ فَقَالَ: وَلم؟ قَالَ: يزْعم أَن الله أمره بِهِ. فَقَالَ: هُوَ أهل أَن يطاع، ثمَّ جَاءَ إِلَى أمه ووسوس كَذَلِك؛ فأجابت كَمَا قُلْنَا، يَعْنِي: كَمَا قَالَ إِسْمَاعِيل عَلَيْهِ السَّلَام.
وَفِي التَّفْسِير: أَن إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام جعل يحز وَلَا يقطع، وروى أَن الله تَعَالَى ضرب على عنق إِسْمَاعِيل عَلَيْهِ السَّلَام صفيحة من نُحَاس؛ فَجعل لَا يقطع، وَأورد بَعضهم: أَنه كَانَ يقطع ويلتئم.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute