قَوْله - تَعَالَى -: {وَجعلُوا لله مِمَّا ذَرأ من الْحَرْث والأنعام نَصِيبا} وَكَانُوا يقسمون الْحَرْث، فيجعلون لله نَصِيبا، وللأصنام نَصِيبا، ويقسمون الْأَنْعَام، فيجعلون لله نَصِيبا، وللأصنام نَصِيبا، ثمَّ مَا جعلُوا لله، صرفوه للْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين، وَمَا جعلُوا للأصنام أنفقوه على الْأَصْنَام، وعَلى خدم الْأَصْنَام؛ فَهَذَا معنى قَوْله: {فَقَالُوا هَذَا لله بزعمهم وَهَذَا لشركائنا} فَأَما قَوْله: {فَمَا كَانَ لشركائهم فَلَا يصل إِلَى الله وَمَا كَانَ لله فَهُوَ يصل إِلَى شركائهم} معنى هَذَا: أَنهم كَانُوا إِذا قسموا الْحَرْث والأنعام كَمَا وَصفنَا، فَإِذا سقط مِمَّا جعلُوا لله من الْحَرْث شَيْء فِيمَا جَعَلُوهُ للأصنام تَرَكُوهُ، وَإِذا سقط شَيْء من نصيب الْأَصْنَام، فِيمَا جَعَلُوهُ لله ردُّوهُ إِلَى نصيب الْأَصْنَام، وَكَانَ إِذا هلك أَو انْتقصَ مِمَّا جعلُوا لله من الْأَنْعَام شَيْء؛ لم يبالوا بِهِ، وَكَانَ إِذا هلك أَو انْتقصَ من نصيب الْأَصْنَام، جبروه مِمَّا جَعَلُوهُ لله، وَقَالُوا: الله غَنِي، والصنم مُحْتَاج، وَكَانُوا إِذا أجدبوا وقحطوا؛ أكلُوا مِمَّا جَعَلُوهُ لله، وَلم يَأْكُلُوا من نصيب الْأَصْنَام.
وَقَوله: {سَاءَ مَا يحكمون} أَي: لم يَأْتهمْ فِيهِ وَحي، وَلَا يَقْتَضِيهِ عقل؛ فَإِن الْقيَاس يَقْتَضِي التَّسْوِيَة - على زعمهم - بَين الشَّرِيكَيْنِ، لَا مَا حكمُوا بِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute