قَوْله تَعَالَى: {إِن مثل عِيسَى عِنْد الله كَمثل آدم} ؛ سَبَب نزُول الْآيَة مَا روى: أَن وَفد نَجْرَان لما قدمُوا على النَّبِي قَالَ لَهُم: " أَسْلمُوا، فَقَالُوا: نَحن مُسلمُونَ، قَالَ: كَذبْتُمْ؛ يمنعكم من ذَلِك ثَلَاث: قَوْلكُم إِن الله اتخذ ولدا، وسجودكم للصليب، وأكلكم الْخِنْزِير، فَقَالُوا: من أَبُو عِيسَى؟ فَنزلت هَذِه الْآيَة "، وَفِي الْآيَة دَلِيل عَلَيْهِم، ورد لقَولهم، فَقَوله: {إِن مثل عِيسَى} أَي: صفة عِيسَى {عِنْد الله كَمثل آدم خلقه من تُرَاب ثمَّ قَالَ لَهُ كن فَيكون} ، يَعْنِي: إِن خلق عِيسَى بِلَا أَب مثل خلق آدم بِلَا أَب، وَلَا أم، وَخلق عِيسَى بِلَا أَب لَيْسَ بأبدع من خلق آدم بِلَا أَب وَلَا أم.
فَأَما قَوْله: {ثمَّ قَالَ لَهُ كن فَيكون} رَاجع إِلَى آدم، فَإِن قَالَ قَائِل: لما ذكر أَنه خلقه من تُرَاب، فَمَا معنى قَوْله بعده {ثمَّ قَالَ لَهُ كن فَيكون} بعد الْخلق؟ قيل: مَعْنَاهُ: خلقه من تُرَاب، ثمَّ أخْبركُم أَنِّي قلت لَهُ: كن، فَكَانَ من غير تَرْتِيب فِي الْخلق: كَمَا يكون فِي أَوْلَاده، وَهُوَ مثل قَول الرجل: أَعطيتك الْيَوْم درهما، ثمَّ أَعطيتك أمس درهما، أَي: ثمَّ أخْبرك أَنِّي أَعطيتك أمس درهما.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute