قَوْله تَعَالَى:{لِئَلَّا يعلم أهل الْكتاب} وهما بِمَعْنى وَاحِد، وَهُوَ تَفْسِير الْقِرَاءَة الْمَعْرُوفَة. وَقد قَالَ الْأَخْفَش وَالْفراء وَغَيرهمَا: إِن " لَا " صلَة هَاهُنَا، وَهُوَ مثل قَول الشَّاعِر:
(وَلَا ألزم الْبيض أَن لَا تسحرُوا ... )
أَي: أَن تسحرُوا.
وَقَوله:{أَلا يقدرُونَ على شَيْء من فضل الله} مَعْنَاهُ: إِنَّا أعطينا مَا أعطينا من الكفلين من الرَّحْمَة للْمُؤْمِنين؛ ليعلم أهل الْكتاب أَن لَيْسَ بِأَيْدِيهِم إِيصَال فضل الله الْوَاحِد، وَيعلم الْمُؤْمِنُونَ أَن الْفضل بيد الله يؤتيه من يَشَاء، وَهُوَ معنى قَوْله:{وَأَن الْفضل بيد الله يؤتيه من يَشَاء} أَي: يُعْطِيهِ من يَشَاء، وَقيل معنى الْآيَة: ليعلم أهل الْكتاب أَن من لم يُؤمن بِمُحَمد لَيْسَ لَهُ نصيب من فضل الله يَوْم الْقِيَامَة.
وَقَوله:{أَلا يقدرُونَ على شَيْء من فضل الله} أَي: لَا يصلونَ إِلَى شَيْء من فضل الله حِين لم يُؤمنُوا بِمُحَمد، وَالْفضل بيد الله يوصله إِلَى الْمُؤمنِينَ بِمُحَمد بمشيئته، وَالْفضل هَاهُنَا هُوَ الْجنَّة.
وَقَوله:{وَالله ذُو الْفضل الْعَظِيم} أَي: لَهُ الْفضل الْعَظِيم، وَهُوَ الْقَادِر على إِيصَال الْفضل الْعَظِيم يَعْنِي: إِلَى من يَشَاء من عباده وَالله أعلم بِالصَّوَابِ.