قَوْله تَعَالَى:{فَلَمَّا جاءها نُودي أَن بورك من فِي النَّار} قَالَ أهل التَّفْسِير: لم يكن مَا رَآهُ نَارا، بل كَانَ نورا، وَإِنَّمَا سَمَّاهُ نَارا؛ لِأَن النَّار لَا تَخْلُو من النُّور؛ وَلِأَنَّهُ كَانَ فِي ظن مُوسَى أَنه نَار.
وَقَوله:{من فِي النَّار} فِيهِ أَقْوَال: أَكثر الْمُفَسّرين على أَنه نور الرب، وَهُوَ قَول ابْن عَبَّاس وَعِكْرِمَة وَسَعِيد بن جُبَير وَغَيرهم، وَذكر أَبُو بكر الْهُذلِيّ عَن الْحسن الْبَصْرِيّ أَنه الله تَعَالَى، وَذكر الْفراء أَن من فِي النَّار هُوَ الْمَلَائِكَة، وَمن حولهَا الْمَلَائِكَة أَيْضا (على القَوْل الأول، وَمن حولهَا الْمَلَائِكَة أَيْضا) .
وَفِي الْآيَة قَوْله رَابِع: وَهُوَ أَن من فِي النَّار مُوسَى، فَإِن قيل: لم يكن مُوسَى فِي النَّار. قُلْنَا: قد كَانَ قَرِيبا من النَّار، وَالْعرب تسمي من قرب من الشَّيْء فِي الشَّيْء يَقُولُونَ: إِذا بلغت ذَات عرق فَأَنت فِي مَكَّة، قَالُوا هَذَا لأجل الْقرب من مَكَّة، ومُوسَى قد كَانَ قرب من النَّار فَجعله كَأَنَّهُ فِي النَّار.