للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قَوْله تَعَالَى: {وَأَن لَو استقاموا على الطَّرِيقَة} فِي الطَّرِيقَة قَولَانِ: أَحدهمَا: أَنَّهَا الْإِيمَان، وَهَذَا قَول مُجَاهِد وَقَتَادَة وَعِكْرِمَة وَجَمَاعَة، وَهُوَ فِي معنى قَوْله تَعَالَى: {وَلَو أَن أهل الْقرى آمنُوا وَاتَّقوا لفتحتنا عَلَيْهِم بَرَكَات من السَّمَاء وَالْأَرْض وَلَكِن كذبُوا} .

وَالْقَوْل الثَّانِي: أَن الطَّرِيقَة هَاهُنَا طَريقَة الْكفْر والضلالة، وَهَذَا قَول أبي مجلز لَاحق بن حميد من التَّابِعين، وَهُوَ قَول الْفراء وَجَمَاعَة، وَهُوَ فِي معنى قَوْله تَعَالَى {وَلَوْلَا أَن يكون النَّاس أمة وَاحِدَة لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفا من فضَّة} الْآيَة.

فَجعل تماديهم فِي الْكفْر سَببا لتوسيع النعم عَلَيْهِم، وَكَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى: {فَلَمَّا نسوا مَا ذكرُوا بِهِ فتحنا عَلَيْهِم أَبْوَاب كل شَيْء} الْآيَة، وَمَعْنَاهُ: أَبْوَاب كل شَيْء من الْخيرَات وَالنعَم.

قَالُوا: وَالْقَوْل الأول أولى؛ لِأَنَّهُ عرف الطَّرِيقَة بِالْألف وَاللَّام، فَيَنْصَرِف إِلَى الطَّرِيقَة الْمَعْرُوفَة الْمَعْهُودَة شرعا وَهِي الْإِيمَان.

وَقَوله: {لأسقيناهم مَاء غدقا} أَي: كثيرا.

تَقول الْعَرَب: فرس غيداق إِذا كَانَ كثير الجري وَاسِعَة.

وَمَعْنَاهُ: أكثرنا لَهُم المَال وَالنعْمَة؛ لِأَن كَثْرَة المَاء سَبَب لِكَثْرَة المَال.

<<  <  ج: ص:  >  >>