قَوْله تَعَالَى: {وَأَن الْمَسَاجِد لله فَلَا تدعوا مَعَ الله أحدا} اتّفق الْقُرَّاء على فتح الْألف فِي هَذِه الْآيَة، وَعلة النصب أَن مَعْنَاهُ: وَلِأَن الْمَسَاجِد لله، ثمَّ حذفت اللَّام فانتصب الْألف.
وَقيل: انتصبت لِأَن مَعْنَاهُ: أوحى إِلَيّ أَن الْمَسَاجِد لله. وَسبب نزُول هَذِه الْآيَة أَن الْجِنّ قَالُوا للنَّبِي: نَحن نود أَن نصلي مَعَك، فَكيف نَفْعل وَنحن ناءون عَنْك؟ فَأنْزل الله تَعَالَى قَوْله: {وَأَن الْمَسَاجِد لله} وَمَعْنَاهُ: أَنكُمْ إِن صليتم فمقصودكم حَاصِل من عبَادَة الله تَعَالَى، فَلَا تُشْرِكُوا بِهِ أحدا، وَهُوَ معنى قَوْله: {فَلَا تدعوا مَعَ الله أحدا} وَيُقَال: هُوَ ابْتِدَاء كَلَام.
وَالْمعْنَى: أَن الْيَهُود وَالنَّصَارَى يشركُونَ فِي البيع والصوامع، وَكَذَلِكَ الْمُشْركُونَ فِي عبَادَة الْأَصْنَام، فَأنْتم أَيهَا الْمُؤْمِنُونَ اعلموا أَن الصَّلَوَات وَالسُّجُود والمساجد كلهَا لله، فَلَا تُشْرِكُوا مَعَه أحدا.
وَفِي الْمَسَاجِد أَقْوَال: أَحدهَا: أَنَّهَا بِمَعْنى السُّجُود، وَهِي جمع مَسْجِد.
يُقَال: سجدت سجودا ومسجدا وَالْمعْنَى: أَن السُّجُود لله يَعْنِي: هُوَ الْمُسْتَحق للسُّجُود.
وَالْقَوْل الثَّانِي: أَن الْمَسَاجِد هِيَ الْمَوَاضِع المبنية للصَّلَاة المهيأة لَهَا، وَهِي جمع مَسْجِد، وَمعنى قَوْله: {لله} نفي الْملك عَنْهَا، أَو مَعْنَاهُ: الْأَمر بإخلاص الْعِبَادَة فِيهَا لله.
وَالْقَوْل الثَّالِث: أَن الْمَسَاجِد هِيَ الْأَعْضَاء الَّتِي يسْجد عَلَيْهَا الْإِنْسَان من جَبهته وَيَديه وركبتيه وقدميه، وَالْمعْنَى: أَنه لَا يَنْبَغِي أَن يسْجد على هَذِه الْأَعْضَاء إِلَّا لله.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute