قَوْله تَعَالَى: {خلق الْإِنْسَان من صلصال كالفخار} الصلصال: الطين الْيَابِس الَّذِي يصوت إِذا نقر وحرك.
وَقَوله: {كالفخار} أَي: الخزف. فَإِن قيل: قد قَالَ فِي مَوضِع آخر: {من طين لازب} ، وَقَالَ فِي مَوضِع: {من حمأ مسنون} ، وَقَالَ هَاهُنَا: {من صلصال} فَكيف وَجه التَّوْفِيق؟
الْجَواب عَنهُ: أَن الْجَمِيع صَحِيح على الْقطع، فَالله تَعَالَى خلق آدم من تُرَاب جعله طينا لازبا، ثمَّ جعله حمأ مسنونا، ثمَّ جعله صلصالا كالفخار، ثمَّ صوره. قَالَ قَتَادَة: هُوَ المَاء يُصِيب الأَرْض، ثمَّ يذهب المَاء فيجف مَوضِع المَاء وييبس وينشق، فَهُوَ الصلصال كالفخار. وَذكر أَبُو الْحُسَيْن بن فَارس فِي تَفْسِيره: أَنه ورد فِي بعض الحَدِيث أَن الله تَعَالَى حِين أَرَادَ أَن يخلق آدم عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام جعل التُّرَاب طينا لازبا، وَتَركه أَرْبَعِينَ سنة، ثمَّ جعله صلصالا كالفخار، وَتَركه أَرْبَعِينَ سنة، ثمَّ صوره وَتَركه جسدا لَا روح فِيهِ أَرْبَعِينَ سنة، وَكَانَت الْمَلَائِكَة يَمرونَ عَلَيْهِ فَيَقُولُونَ: سُبْحَانَ الَّذِي خلقك لامر مَا خلقك. وَقد ثَبت عَن النَّبِي " أَن إِبْلِيس عَلَيْهِ اللَّعْنَة لما رأى الصُّورَة فَوَجَدَهُ أجوف، فَعلم أَنه خلق لَا يَتَمَالَك ".
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute